نور القيسي شابة في العشرينيات من عمرها تعرفت اليها من خلال ملاحظة قفشاتها القصيرة التي تنشرها تحت مسمى ( يا صاحب الظل الطويل ) وهي عبارة عن نصوص نثرية سردية تحمل مشاعر عميقة وتعكس تأملات ذاتية حول الحب والسعادة والخوف من الفقدان.
يتميز أسلوبها بالعفوية والصراحة، مع مزيج من التأملات الشخصية والمشاعر المرهفة. نصوصها مليئة بالتناقضات الجميلة بين السعادة والحزن، وبين الخيال والواقع، مما يجعلها معبرة ومحبوكة.
يكتشف المتابع لنصوصها أسلوبها الأدبي الذي يظهر قدرتها على توظيف الصور المجازية، مثل “الحب يسكب الدافع في كلّ التفاصيل” و”الطفل بين ذراعيّ أمّه”، وهي صور تضفي على النص عمقا وجمالًا. كما أن التحدث عن الأفكار والمشاعر بصوتٍ داخلي يُضفي طابعا حميميا وقريبا للقارئ، ويجعله يشعر وكأنّه جزء من الحوار الداخلي الخاص بها.
من الناحية الأدبية، أستطيع القول ان نصوصها تعبر عن مشاعر إنسانية بطريقة بسيطة وصادقة. فيها لمحات فلسفية، ويغلب عليها طابع التفكر في الذات والمشاعر الإنسانية بطريقة حساسة.
أحد النصوص التي قرأتها يمكن مقارنته بأعمال أدبية لكتّاب آخرين يتناولون المشاعر الداخلية، والتأملات الذاتية، والصراع بين السعادة والحزن. من ناحية الأسلوب والتوجه، يمكن أن يُقارن ببعض الكتابات التي تتناول الرسائل الذاتية أو الحوارات الداخلية مع شخصية غير موجودة أو غامضة، مثل “صاحب الظل الطويل” للكاتبة الأميركية الشهيرة جين ويبستر. في هذا النوع من النصوص، نجد التشابه في “التأملات الشخصية” مثل الرسائل التي تتوجه لشخص غير محدد أو غائب، كما في “رسائل” مي زيادة أو حتى الرسائل في رواية “أليس مونرو” التي تستكشف الشخصيات وتفاعلاتها الداخلية مع مشاعرها. أيضا التعبير عن الصراع الداخلي: كتّاب مثل سيلفيا بلاث في “الناقوس الزجاجي” في بعض قصائدها يظهرون نفس النوع من الصراع الداخلي بين الحب والفقدان، السعادة والحزن، والبحث عن المعنى.
أقول لنور القيسي وانا لم اتعرف اليها الا من خلال سردياتها استمري في الكتابة ولا تتراجعي ولا يصيبك اليأس من قلة القراء والمتابعين فأنت تمتلكين الأدوات الكافية القابلة للتطور ويوما ما ستنشرين كتابك الثالث بعد الأول ” المنزل الأول” والثاني “الأغنيات لم تعد ذاتها” وستثقين بنفسك أكثر.
في مقدمة كتابها ” الأغنيات لم تعد نفسها ” قال الدكتور رعد البصري (نور القيسي) صادقة مع نفسها ومع أبطالها أيضا، في نصها تترك الشبابيك العتيقة مفتوحة في زقاقها القديم تشارك جدتها وأخاها تصادق جارهم الشيخ صانع الأحذية تحكي تفاصيل غرفتها التي ضاقت عليها عندما كبرت ولم تكبر لعبها معها”.
في كتابها الثاني المزيد من الصور الشعرية الحميمية المشاعر عميقة تكاد تُذكّر ببعض أعمال الكاتبة الروائية الفرنسية “فرانسوا ساجان”، مثل “صباح الخير أيها الحزن”، التي تركز على المشاعر الشخصية والحميمية بشكل عميق، وتعكس انعكاسات الذات والوعي بالآخر.
أخير أقول إذا كان تقييم الأعمال الأدبية للشباب يعتمد على عدة مقومات أساسية تتعلق بالجوانب الفنية والمحتوى، بالإضافة إلى الرسائل التي يحملها العمل ومدى ملاءمة الفكرة للفئة العمرية المستهدفة، فأن نور القيسي تستحق الاهتمام المناسب سواء باستضافتها في القنوات التلفازية أو اجراء حوارات معها وهو أقل ما يمكن أن نقدمه لهذه الشابة الواعدة.