ثلاثة عشر شابا قتيلا هي حصيلة التفجير الإجرامي الذي حصل يوم أمس في ساحة مطار المثنى , القتلى هم من الشباب الذين أرادوا الانخراط في صفوف القوات المسلّحة العراقية بحثا عن فرصة عمل توّفر لهم العيش الكريم , لم يعلم أحد منهم إنّهم ذاهبون إلى حتفهم , ربما كانوا خائفين من هذا المصير , لكن ماذا يفعلوا وهو شباب عاطلون عن العمل ولا مستقبل لهم , وهذه ربما فرصة لانتشالهم من الشوارع , نفس السيناريو ونفس التكتيك ونفس الأدوات , تعلن وزارة الدفاع أو الداخلية عن حاجتها لمتطوعين , وتحدد مكان وزمان المقابلة عبر وسائل الإعلام , وبعد ذلك يأتي انتحاريا أما بسيارة مفخخة أو بحزام ناسف يريد أن يتغدى مع الرسول فيأخذ معه مجموعة من هؤلاء المساكين المتطوعين ليتغدوا جميعا مع الرسول , وكما يقال في المثل الشعبي نفس الطاس ونفس الحمام .
وكالعادة تنبري وسائل الإعلام المحلية الصديقة منها والللاصديقة بانتقاد الحكومة لعدم تهيئتها المكان الآمن لهؤلاء المتطوعين وبالتالي التسبب في مقتلهم , بعدها تقوم الحكومة تحت تاثير ضغط الشارع والرأي العام بتشكيل لجنة تحقيقية بأمر من القائد العام للقوات المسلحة للتحقيق في اسباب الحادث وكيفية حصول هذا الاختراق , وكالعادة أيضا ترسل نتائج هذا التحقيق إلى الملائكة في السماء للاطلاع عليها .
والله يا نوري المالكي إنّ دماء هؤلاء الشباب الضحايا في رقبتك وأنت المسؤول عنها أمام الله سبحانه وتعالى يوم نقف جميعا بين يديه , فماذا ستقول لله هل ستقول له لقد وضعت ثقتي بعدنان الأسدي وسعدون الدليمي ؟ ألم تسمع بحديث الرسول ( ص ) لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين ؟ كم مرة تكرر هذا السيناريو ؟ ما ذنب هؤلاء المساكين الذين يبحثون عن لقمة شريفة للعيش ؟ بالله عليك لو كان أبنك حمودي أو حسنين أبن عدنان الأسدي بين المتطوعين هل تركتموهم هكذا فريسة لهؤلاء القتلة المجرمين ؟ هل أنّ دماء أبنائكم أشرف من دماء أبناء الشعب العراقي ؟ وهل كان علي بن أبي طالب يفرق بين أبنائه الحسن والحسين وهم سيدا شباب أهل الجنة وبين باقي أبناء المسلمين ؟ لماذا حافظتم على ابنائكم وذويكم من القتل وتركتم أبناء الناس عرضة لهذا القتل والإرهاب ؟ ماذا ستقول لأبناء شعبك ولأهالي الضحايا ؟ هل ستقول لهم إنّ هذا تكتيك جديد للقاعدة لم تعهده أجهزتنا الأمنية ؟ .
أنا واثق أنّك ستأمر بتشكيل لجنة تحقيقية , وأنا واثق أيضا أنّ هذه اللجنة ستكون كسابقاتها من اللجان التي أمرت بتشكيلها , حيث سترفع توصياتها لسكان السماء فقط للاطلاع عليها , قطعت عهدا لبعض الأصدقاء أن لا أهاجم سياساتك في هذا الظرف تحديدا لكي لا تكون ذريعة بيد القوى السياسية التي تغازل الإرهاب وتختبأ وراءه , لكنك يا سيادة القائد العام للقوات المسلّحة لم تترك لنا فرصة السكوت والتغاضي عن هذه الفضائع والأخطاء التي يرتكبها قادتك الأمنيين الفاشلين , والله إنّ ما يحصل مخجل ومعيب , متى ستستفيد أنت وقادتك الأمنيين من هذه الدروس ؟ هل معقول هذا الذي يجري ؟ عندي سؤال لك شخصيا يا نوري المالكي , هل تؤمن بالله واليوم الآخر ؟ لا تزعل إذا قلت لك في نفسي شك من هذا .