شخصيا كما الكثيرون على شاكلتي كنا نتمنّى أن يعلن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي تنحّيه عن موقعه التنفيذي بأرادة شخصية من دون ضغوط او استسلام لأمر واقع وبالاخص الطريقة التي تنحّى بها والتي أظهرته مجبرا من دون حول ولاقوة وهو مالم يحب ان يراه في هذا الموقف الكثير من العراقيين وان كان اضرارا معنويا لشخص المالكي اكثر من أي شئ اخر.
بلا أدنى شك حاول المالكي ان يخدم العراق والعراقيين على الأقل بما يراه هو شخصيا عملا وطنيا خالصا لدرجة انه قد استمات ولاخر لحظة للحصول على الولاية الثالثة وبأي ثمن. في الجانب الاخر كان غرامائه وخصومه مستعدين لدفع اي ثمن لاجل ان يعلن المالكي تنحّيه حتى وصل بهم الامر ان يعلنوا انهم على استعداد للتوقيع على “بياض” لاي شخصية تتولّى رئاسة الوزراء بعده.
بعد وقائع التنحية والتنصيب لم يعد لنوري المالكي ولا لائتلاف دولة القانون الكثير من المناورة ولم يعد امامهم الا انتظار المنّة من باقي الكتل السياسية لكي تقبل بما يطرحه التحالف الوطني عليهم من اقتراحات تشكيل الحكومة والتي ستخضع كلها قطعا للمساومات والمصالح واتفاقات خلف الكواليس. ببساطة شديدة لقد خسر ائتلاف دولة القانون والتحالف الوطني عناصر تشكيل حكومة قوية كالمبادرة والضغط والمساومة.
بلا مواربة فقد ضيّع المالكي بأصراره على الولاية الثالثة فرصة لاتعوّض لحزب الدعوة الاسلامية الذي يأتمنه ولائتلاف دولة القانون الذي يرأسه وكذلك للتحالف الوطني الذي يشكّل أهم أركانه. كان من الممكن ان يقبل المالكي بالتنحّي لصالح رفيقه الدكتور حيدر العبادي او مدير مكتبه الدكتور طارق نجم او اي شخصية اخرى من حزبه من دون اكراه او اجبار كما حصل. كل الوقائع والاحداث تؤكّد لو ان المالكي قد رضي “التنحّي لا التنحية” مقابل “حكومة الأغلبية السياسية” لقبل بها التحالف الوطني وباقي الكتل السياسية لانه ببسيط العبارة كان تنحّيه أشبه لهم بالحلم البعيد المنال ان لم يكن المستحيل بعينه. لقد كان الطرف الاخر على استعداد للتوقيع على “بياض” لمن يتولّى رئاسة الوزراء خلفا للمالكي ان هو تخلّى عنها طواعية.
بأختصار شديد، بأصرار المالكي على الولاية الثالثة واصرار الاخرين على التنحية خسر العراقيون جميعا حكومة قوية كان من الممكن ان تخرج العراق والعراقيين من نفق المحاصصة الطائفية الى الابد. لحظة تأريخية هرمنا لاجلها ضيّعها المالكي بعناده وضيعها الاخرون بأنانيتهم ومصالحهم.