التحديات التي تواجه رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي يبدو انها اكبر بكثير من حجم التنازلات التي كان مستعدا لتقديمها لغرماءه. كما ويبدو ان تلك الاغراءات والتنازلات قد اصبح لافائدة منها خصوصا بعد ان سيطرة قوات البيشمركة الكردية على المناطق المتنازع عليها وفي مقدمتها كركوك والتي كانت بمثابه الورقة الاكبر في مفاوضات المالكي مع الاكراد لانجاز ولايته الثالثه.
بلا مواربة لم يبقى امام المالكي اي حجة للتخلي عن مشروع الولاية الثالثة خصوصا بعد تنصيب سليم الجبوري رئيسا للبرلمان وازاحة اسامة النجيفي منها على أمل ان يحصل الاخير على نيابة رئاسة الجمهورية وذلك بعد موافقة صالح المطلك البقاء في منصبه نائبا لرئيس الوزراء. بيد ان اعتراض كتلا شيعية من داخل التحالف الوطني لاعطاء المالكي ولاية ثالثة ان كان له مايبرره فهي خطوة لايمكن تجاوزها وبدون التأييد المطلق لها لن يستطيع المالكي المضي بتشكيل حكومة بات توفير الاغلبيه لها في ظل الظروف الراهنة ضربا من المستحيل.
لعبة رئاسة الوزراء اليوم اصبحت أشبه بلعبة (الرقبة والبطن) فليس بمقدور احد ان يشكل اغلبية ولابد في تلك الحال من التسليم لائتلاف دولة القانون بتقديم رئيسا للحكومة بديلا عن المالكي وهو ماكان. هنا لايمكن تجاوز المالكي وماقدمه لائتلاف دولة القانون ومكوناته وليس من بد الا واعطاء الرجل دورا سياسيا يليق به خصوصا بعد تخليه عن رئاسة الوزراء وطبعا ليس من منصب يليق به أقل من نائب رئيس الجمهورية. والامر كذلك واذا ماصدقت قراءتنا تلك فان مشاكل العراق سترحل من رئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب التي كانت محتدمة بين المالكي والنجيفي سترحل الى رئاسة الجمهورية، وما أدراك ماهي مشاكل رئاسة الجمهورية!
نوري المالكي وفي خطوة انتقامية منه سيجعل من رئاسة الجمهورية المقصلة التي ستقتص من كل من ادانه القضاء بتهم الارهاب وسيوقّع على الاعدامات زرافات ووحدانا خصوصا وان تجربة الشعب العراقي مع هذا الملف جد مؤلمه وذلك نتيجة عدم تعامل رئاسة الجمهورية بقيادة كردية بحزم وجدية. بيد ان المالكي سيحاول من خلال نيابتة لرئاسة الجمهورية ان يحشر النجيفي وكل من وقف ضد ترشيحه في خانة لايحسدون عليها. من المؤكد ولما للمالكي من كاريزما وهيبة فانه سيحد من نشاط رئاسة الوزراء ليضيف زخما اكبر لدور رئاسة الجمهورية التي سيكون له نصيب الاسد منها خصوصا وان فؤاد معصوم (خليفة الطالباني ومرشح الاكراد لرئاسة الجمهورية) رجل كبير ولن يقوى على الكثير من الاعمال التي ستناط بالماكي حتما وقدرا وفي مقدمتها ملف الاعدامات. يبدو ان الشعب العراقي سيبقى دوما على موعد مع المشاكل والازمات! ويبقى السؤال الذي يبحث عن اجابة، هل مجلس النواب العراقي الجديد على قدر تلك الازمات والتحديات؟! اجابته بعد تشكيل الحكومة الجديدة واعلان التسويات.