حلمنا قبل سنتين ونيف بالتغيير ، الذي نطمح اليه ، ودعتنا المرجعية الى وضعه موضع التنفيذ بأصواتنا ، وبطريقة ديمقراطية حضارية ، لكننا صدمنا بأن من خرجنا الى تغييرهم ، قد حصلوا على الاغلبية الساحقة من دون منافس ، اي ان احلامنا كانت اوهام ، اذ كانت الاغلبية لا تريد التغيير ، وقد أعجبها استعراض العضلات الذي كان يدور بين الشيعة والسنة والاكراد ، واكتشفنا ان من أراد التغيير كان نسبةً على الهامش ، او صفراً على يسار عدد !
استبشرنا بعد ان تحسس البعض خطر الولاية الثالثة ، من داخل نفس الكتلة ، فتمت ولادة حكومة شبه جديدة ، بعد مخاض عسير ، كاد ان يقتل الجنين لولا الضغوط التي دعت الى إنعاشه ! ، العبادي الرجل الظل ، الذي لم يكن له موقف مغاير لرئيس كتلته ، اصبح رئيساً للوزراء ، وأقر الاغلبية بذلك ، ورحب الجميع به ، ليس حباً ، وانما هرباً من واقع أمر ، فأختاروا أفضل السيئين ، بعدما حسم عدد الاصوات منصب الرئاسة بعد سنتين ،وبعد ارتفاع درجة الحرارة ، ذاب الطلاء الذي كان يضعه رئيس الوزراء ، ليظهر على حقيقته ، وهو ان أدوات حزب الدعوة تمتلك نفس المضمون ، مع اختلاف الأغلفة ، اذ لم يكن يختلف عن طريقة تفكير سابقه ، الاختلاف يكمن في اُسلوب تحقيق سياستهم ، بينما هدفها فهو واحد ، ان تبقى رئاسة الحكومة من نصيبهم ، وان تبقى تسميتهم الحزب الحاكم ، ولو كان ذلك على تلال الجثث ، وضياع البلد ، وافتقار أهله سياسة إلقاء اللوم على الآخرين اصبحت كلاسيكية ، اذ يعود تاريخها الى دورة سابقة ، لذا وجب تحديثها ، ان يتم رمي جميع التناقضات على مجلس النواب ، فُيستغل عدم اتفاقه على رؤية موحدة تجاه القضايا المصيرية ، فيظهر بأنه طالب للاصلاح ، وان الآخرين لا يسمحون له ، بينما في العديد من الفرص التي اتيحت له ، كان منطلق ومفتاح الاصلاح بيده ، ولكنه القاه في مجلس النواب وساهم بأتساع الفجوة بين الخصوم ، لان تقاربهم يجعلهم اقرب للمحاسبة والمتابعة ، وهو نفس سبب تهميشه للتحالف الوطني ، يريد ان يكون منفرداً بسلطته ، ليداعبها كيفما شاء ، وان تسبب بولادة نظام غير شرعي ( سلطوي ) !
الالتفاف على اي مبادرة اصلاح تطرح ، سواء من قبل المرجعية التي بُح صوتها بسببهم ، او من قبل القيادات المجتمعية والسياسية ، والإبقاء على المناصب بالوكالة ، وحفاضاً على دولتهم العميقة ، وابعاداً للآخرين عنها ، سياسة اشراك الآخرين في بعض المناصب والمفاصل الغير استراتيجية ، من حيث تأثيرها على القرارات المصيرية ، وبنفس الوقت يشركون هؤلاء ليتم إلقاء اللوم عليهم في النهاية ، وليظهر القائد الضرورة بزي المصلح المقيد من قبل الكتل السياسية التي ضاقت به ذرعاً ، واصبحت فعلاً تحاول تقييده ، لانها تتعامل مع حزب يمتاز بتعامله مع الآخرين بالغموض والضباب ، وعدم اشراك الآخرين في ابسط الأمور التي تعتبر من مسلمات الأنظمة الديمقراطية القائمة على اشراك الجميع ، لذا اضطرت ان تتوجس خيفة منه ، لان الانسان عدواً لما جهل !