يروى أن الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي(رحمه الله) مر بضائقة مالية شديدة ؛ ففوجئ بوصول خطاب له من البنك العراقي يدعوه لتسلم راتبه الشهري الذي خصصه له أحد الميسورين ببغداد .. ففرح بذلك ؛ بعدما سأل مدير البنك عن الشخص الميسور الذي حدد له هذا الراتب من إيداعه الخاص، فلم يعلمه بذلك .. حتى توقف الراتب ذات عام .. فأخبره مدير المصرف أن ذلك الشخص قد مات و كان قد طلب منا أن لا نعلمك بإسمه حتى بعد وفاته، فراح الرصافي يسأل من من التجار في الشورجة(وهي، متطقة تجارية ببغداد) قد توفي .. فلم يكن من توفي في تلك الأيام، ألّا أن أحد الأشخاص أخبره بأنه لم يمت هذه الأيام غير (نورية العورة).. فعاد إلى مدير البنك و سأله : بالله عليك لم يسمع أحد بموت أحد هذه الأيام غير (نورية العورة).. فقال المدير :
هي ذلك الشخص الذي خصص لك ذلك الراتب الشهري و طلب عدم ذكر اسمها.. و كذلك كانت تخصص للأيتام و الفقراء من مالها المودع لدينا..
والمعروف عن (نورية العورة) أنها كانت بائعة هوى!!!
فمن تلك الرواية استوحيت النص الآتي :
من (نوريه العورةِ) كان الشاعرُ يأكلْ
يشرب كأسَ الخمر بحانات اللَّيل و يثملْ
(نوريةُ) كانت عاهرةً ندري لكنْ لا تقتلْ
لم تسرق من قوت الشَّعب و لم تثكلْ
كانت تجمعُ من أنس شباب الحيِّ و تبذلْ
في الصُّبح تجزُّ الصُّوف و تغزلْ
و تبيع الغزل بسوق الغزلِ و تبدلْ ..
ما تجمع في اللّيلِ و تحملْ
تذهب للبنك بدفترها الرسميِّ و تعزلْ..
هذا للأيتامِ ..
و ذا للمعوّزينَ ..
و حتى الشِّاعرَ لم تهملْ
(نوريه العورةُ) كانت تسهر في الملهى
تسكر في الحانات
تتسمسرُ في بيت دعاره
تستقطبُ أحلى الحلوات
تبدو بين النّاس بذاك الشُّغْل الأبهى
كم مثلكِ يا (نوريّةُ) تغدقُ !؟..
كم مثلكِ يا (نوريةُ) تشفقْ!؟..
قالوا :
اليوم يبيعون لحوم حمير
أكلَ البعضُ فصار مطايا
و أقولُ :
أكلوا من أموالك يا (نوريه العوره)..
فهمُ مُذْ أكلوا من أموالكِ صاروا بغايا !!!..
فبماذا يدفع من قال :
(نوريّه العورةُ) تحفظُ كلَّ كراماتِ النَّاس؟!
من مردودات البار !!!!؟..
يا ليت يكون من الإستثمار !