في سنة 1956 قدمت السينما العالمية فيلما عن رواية الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو احدب نوتر دام قام فيه بدور البطولة أنتوني كوين، جينا لولوبريجيدا ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي تقدم هذه الرواية للسينما فالبداية كانت سنة 1923 واستمرت المحاولات حتى سنة 1997 وفي عام 1999 كانت هناك محاولة سورية تحت اسم جواد الليل مقتبس عن نفس الرواية.
المثير للاهتمام انه بعد عامين فقط من نسخة عام 1956 يقدم لنا يوسف شاهين فيلما يعتبر علامة ومحطة بارزة في السينما المصرية تحت اسم باب الحديد وهو واحد من افضل مائة فيلم عربي لايشارفيه من قريب او بعيد لرواية فيكتور هوغو مع ان اوجه التشابه بين الفكرة والشخصيات تكاد تكون متشابهه الى حد كبير. فالاحدب كوازيمودو اصبح قناوي يقوم بالدور يوسف شاهين مخرج الفيلم ولكن الاحدب اصبح اعرجا وهو مثلما في رواية هوغو قبيح و لقيط ،ففي بداية فيلم باب الحديد يعثر عم مدبولي متعهد الصحف (حسن البارودي) على قناوي ولايعرف له اصلا. يقع قناوي في حب هنومه (هند رستم) بائعة المياه الغازية مثلما يقع الاحدب كوازيمودو بحب الفتاة الغجرية أزميرالد، فكرة الصراع بين الجمال والقبح حاضرة في الرواية الفرنسية والفيلم المصري على حد سواء. والمرأة هي التي تبعث الروح في هذا الكيان المنبوذ ،العاجز ،المنعزل ، الذي تتحكم فيه غرائزه البدائية وتمنحه القوة والامل ولكن خياله يسرح ويهيم اكثر مماهو مسموح ومباح له فيصطدم بالواقع ويقع في ازمة نفسية حادة تجهز عليه كليا. هنومه وازميرالد تعاطفا مع البطل البشع المثير للسخرية والمقرف لان روحه نقية ومشاعره جياشة. استبدل شاهين ربما لاعتبارات دينية الكنيسة حيث تقع معظم الاحداث في الرواية الاصلية بمحطة القطارات وعم مدبولى التقط قناوي من الشارع واشفق عليه ورعاه وجعله يبيع الصحف في المحطة مثلما فعل الكاهن الذي التقط الاحدب كوازيمودو واعطاه وظيفة قارع الاجراس في الكنيسة
كتب السيناريو والحوار عبد الحي اديب الذي كتب للسينما العشرات من الافلام وليس هناك اشارة لكاتب القصة وهو مايدعم ادعائي بان الفيلم مقتبس من رواية احدب نوتردام مع تغيير في تفاصيل على القصة ليست جوهريه بقدر ماهي سطحية.
طبعا يوسف شاهين قدم للسينما فيلم المهاجر لاحقا وعلى وجه التحديد سنة 1994 ولم يعترف بأن القصة مقتبسة من القرآن بل اوحى لنا بان لاعلاقة للفيلم باي احداث او شخصيات تاريخية، ولااعرف استخفاف بعقل المشاهد مثل هذا.
باب الحديد الذي فشل جماهيريا ونجح فنيا وهو رابع فيلم في قائمة المائة افضل فيلم عربي نجح فيه شاهين في التفوق على نفسه فقد قدم فيلما عالميا يقترب قريبا من النوازع النفسية المعقدة ويسبر اغوارها في وقت كانت فيه مصر تشهد اكبر التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وجاء باب الحديد ليضيف تحول نوعي في المستوى الفني للسينما.