23 ديسمبر، 2024 5:52 ص

نهر الدم.. وأحرارٌ حطموا آخر الأصنام

نهر الدم.. وأحرارٌ حطموا آخر الأصنام

للعبودية وجوه كثيرة, فأدعاء الانسان الحرية محض أفتراء, أذ نادرا ما تجد أنسان حر تنطبق, عليه الكلمة بمعناها الدقيق, رغم أن الأصنام سقطت منذ بزوغ فجر, الرسالة الإسلامية, الا أن الأنسان سرعان, ما وجد بدائل لأصنام الحجرية, وبنى أصناما, داخل نفسه ليقدم لها, فروض الطاعة كل يوم.

السلطة صنم, والثروة صنم, والغريزة صنم, وحب الشهوات صنم, كل تلك الأصنام ,لم يتمكن بعض الناس, من أطاحة رؤوسها, مبكراً بطاعة الباري والرضا بقضائه, فأستعبدتهم وأصبحوا, تماما كأصحاب, العجل من قوم (موسى عليه السلام), حين أشرب في قلوبهم, وهم بطبيعة الحال, لا يختلفون كثيراً عن قريش, التي كانت تعبد أصناما حجرية, ألا أن الفرق الوحيد أن , هؤلاء يدعون الإسلام, وقريش تعلن الأشراك جهارا.

البحث عن الحرية, رحلة تبدأ عندما, يتحرر الأنسان, من ذل العبودية للأشياء, ويصبح سيداً بعبوديته للخالق, الذي خلقه لطاعته, وسخر له الدنيا, بما فيها بأعتباره المخلوق المفضل بالعقل.

عندما يدرك الانسان, قيمة عطاء الخالق, والهدف الذي خُلق من أجله, عندئذ يتحرر من قيود العبودية, وتبدا رحلته نحو الخلود, وهكذا كان نهج الانبياء (عليهم السلام) وأئمة الهدى, والصالحين والسائرين على نهجهم.

أذن هي ثورة على النفس, تمثل نقطة البداية, وعندما تمتزج بالإخلاص, للخالق عندئذ ينسج العطاء, في سبيل الدين والمبدأ, تلك الثورات الأسطورية, التي تنحت أسماء أبطالها في قلب وعقل التاريخ.

كربلاء ثورة غيرت مجرى الثورات, لأنها كانت خالصة, للباري جل وعلا, عطاء منقطع النظير, من سيد الأحرار, وآل بيته وصحبه ( عليهم السلام), فقابله الباري بعطاء أكبر, كيف لا وهو الخالق الكريم.

مثلي لا يبايع مثله, تلك الصرخة التي أطلقها, سيد شباب أهل الجنة ( عليه السلام), التي أصبحت بحد ذاتها, فيما بعد منهاجا للأحرار, وهذا هو سر بذل المهج, وتقديم الأرواح, قرابين في سبيل الأرض والعرض, عندما يكون التحرر, بحد ذاته قضية.

نفوس مطمئنة, وعيون تغفوا على , صوت الرصاص, بدلاً من هدهدة الأمهات, حين يكون التحرر قضية, عطاء يتبعه عطاء, ونهر من دم بدأ مجراه, من بلاد الرافدين, ليختنق دماً, كل من يفكر أن العراق, طعم يسهل أبتلاعه.

شباب تركوا الأهل, واستودعوا ودائع لدى الباري, وأتجهوا صوب الشهادة, وسعوا أليها, لمن يسأل عن سر عطائهم, أنه التحرر من ذل الحياة, والتغلب على الشهوات,

فلا تستغربوا, من شباب حطموا رؤوس الأصنام, وأتخذوا من هيهات منا الذلة شعاراً, فتحية لكم أيها الأحرار.