26 نوفمبر، 2024 4:41 م
Search
Close this search box.

نهاية عصر الهيمنة الامريكية المنفردة

نهاية عصر الهيمنة الامريكية المنفردة

مع انهيار الاتحاد السوفيتي السابق في نهاية ثمانينيات القرن الماضي وانقسامه الى عدة دويلات واضمحلال المعسكر الاشتراكي معه ، وضعت الحرب الباردة بين القوتين العظميين اوزارها ما ادى الى وضع نهاية لسباق التسلح في العالم الذي كان يهدد السلم العالمي و اتجه العالم نحو نظام ذي القطب الاوحد والذي تمثل بالهيمنة الامريكية المنفردة على العالم وضعف روسيا في حسم القضايا الدولية ، ما اتاح الفرصة لواشنطن ان تفرض سياستها على الكثير من القضايا الجوهرية في العالم وخاصة في الشرق الاوسط.
خلال تلك الفترة طفت على الساحة متغيرات جوهرية في المنطقة ، منها تحول الصراع العربي الاسرائيلي الى صراع فلسطيني اسرائيلي بفعل الدعم الامريكي لاسرائيل، الذي ادى في النهاية الى ضعف الموقف الفلسطيني امام اسرائيل التي خططت لتوسيع مستوطناتها حفاظا على امنها في المستقبل. كما كان لنهاية الحرب الباردة تاثير كبير ومباشر على اندلاع ثورات الربيع العربي التي وضعت نهاية للانظمة التقليدية في تونس ومصر ، فضلا على ظهور الجماعات المسلحة الارهابية في معظم البلاد الاسلامية وخاصة الشرق اوسطية التي تشكلت بعد انكسار الجيش الاحمر في افغانستان وانتشار الخلايا السرطانية الارهابية في دول شمال افريقيا مرورا بالشرق الاوسط واسيا الوسطى.
لم يبق الروس خلال تلك الفترة مكتوفي الايدي ازاء ماكان يحدث في العالم
والمخاطر التي كانت تحيط بمصالحه برغم انحسار قدرتهم وهيمنتهم على مناطق النفوذ ، بل سعت موسكو وبخطوات سلحفاتية وثقة عالية بالنفس الى تنمية وتقوية اقتصادها برغم المشاكل الكبيرة التي كانت تعاني منها ، لانها كانت تعي جيدا ان ادارة الصراع مع الطرف الاخر لايمكن الا من خلال اقتصاد قوي الى جانب قدرات عسكرية هائلة نظرا لطبيعة المعركة مع الغرب المتمثل بامريكا الذي كان يمتلك العنصرين المذكورين في هيمنتها على مقدرات العالم.
مايطرأ اليوم من متغيرات على السياسة الدولية وخاصة في منطقة الشرق الاوسط التي تعد بؤرة الصراع بين موسكو وواشنطن ، يلوح بنهاية نظام القطب الاوحد وعودة موسكو وبقوة الى المياه الدافئة وهذا مالاحظناه خلال الاشهر الاخيرة في دورها في ادارة الصراع في سوريا وحسم الامر لصالح النظام السوري الذي لولا روسيا وحليفتها ايران لكان الاسد ونظامه الان في خبر كان.
وفي هذا السياق اصدرت المخابرات القومية الامريكية قبل ايام تقريرا جديدا بشأن رؤيتها للسياسات الدولية ، مؤكدة قرب نهاية النظام العالمي القائم وعصر الهيمنة الامريكية المنفردة على العالم ، متوقعة المزيد من الطغيان السياسي والامني على مستوى العالم.
ويقول التقرير الذي اوردته شبكة CNN ان المتغيرات في المجالات الصناعية والمعلوماتية بدأت تعيد تشكيل العالم بشكل يجعله أغنى بالفرص ولكنه أخطر لناحية التهديدات.
ويشير التقرير، إلى أن التقدم الكبير ساعد على تحسين حياة الملايين ولكنه تسبب أيضا بما وصفها بـ”صدمات” مثل الربيع العربي والأزمة المالية لعام 2008 وصعود السياسات الشعبوية.
كما توقع التقرير أن تشهد الأعوام الخمسة المقبلة تزايدا في التوترات بين الدول وتراجعا في معدلات النمو، لافتا إلى أن الصورة العالمية تشهد الاقتراب من عصر انتهاء الهيمنة الأمريكية المنفردة على العالم، والتي بدأت بعد الحرب الباردة، كما قد تشهد نهاية النظام الدولي كما نعرفه منذ الحرب العالمية الثانية.
كما رسم التقرير ، صورة مظلمة لمستقبل العلاقات الدولية، إذ توقع تدخلا أكبر من الدول التي تحمل حق النقض “فيتو” لأجل إجهاض التعاون الدولي إلى جانب تدخلات أكبر من جهات ذات تأثير بهدف ضرب التفاهم العالمي حول الأحداث الدولية.
وحذّر التقرير من سياسات داخلية للحكومات تعيد طرح دور الدولة في الاقتصاد والبيئة والمجتمع، مضيفا أن التباين في وجهات النظر حول القيم العامة سيزيد الشرخ بين الحكومات على المستوى الدولي بما يهدد الأمن العالمي، مشددا على أن سعي المسيطرين على الحكم للحصول على موارد أكبر لتلبية أهداف محلية في ظل تراجع النمو العالمي سيعني فعليا “نهاية الديمقراطية والدخول في مجالات الفوضى أو التسلط السلطوي.”
كما شدد التقرير على أن خطر الإرهاب سيزداد ويتوسع خلال العقود المقبلة مع تزايد استخدام الجماعات الإرهابية لوسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة من
أجل نشر أفكارها. كما جزم بأن سياسات روسيا والصين ستزداد جرأة في حين أن القوى الإقليمية التي ترى في نفسها القدرة على التحرش بجيرانها ستكون حرة أكثر في السعي لتحقيق مصالحها.
في ضوء ماورد في التقرير الذي اعدته المخابرات القومية الامريكية ، فأن العالم مقبل على نظام جديد ، سيكون لاعبوها الاساسيون الولايات المتحدة وروسيا والصين وكل من هذه القوى الكبرى ستشكل محاور مع اللاعبين الاصغر قوة لايجاد توازن جديد على الصعد السياسية والاقتصادية والامنية.

أحدث المقالات