23 ديسمبر، 2024 8:45 ص

نهاية سلمية لسيناريو مرعب

نهاية سلمية لسيناريو مرعب

يبدو ان رئيس وزراء العراق السيد نوري المالكي استوعب درس الحويجة فاعطى لمفاوضات الوسطاء وقتا جعل ازمة الرمادي في طريقها الى( الحلحلة ) بعد ان وضع العراقيون ايديهم على قلوبهم خوفا من تكرار تجربة الحويجة ، ولايفوت المراقب هنا الاشادة بالمرونة التي ابداها قادة اعتصامات الرمادي مما سهل من مهمة الوسطاء، وهي مرونة تنفي عن اعتصاماتهم تهمة تنفيذ الاجندات الخارجية  ( وهي تهمة ترتبط ب ( نظرية المؤامرة ) التي تسكن عقول غالبية العرب والمسلمين) . حسنا فعل رئيس الوزراء حين استمع الى صوت العقل فابعد العراق عن احتمالات خطيرة وجدية قد تقود الى تقسيم العراق ، وحسنا فعل المعتصمون حين فوتوا الفرصة على المتصيدين في مياه الطائفية العكرة وحرموا دينصورات البعث وخفافيش القاعدة من فرصة نفث سمومهم بجسد العراق ..
غير ان فرحتنا بانتصار صوت السلام على صوت الحرب يجب ان لاتنسينا امرين مهمين هما :
اولا :أن مساعي الوسطاء واستجابة المعتصمين جاءت بعد تصريحات رئيس الوزراء المتشددة وامهاله المعتصمين ثمان واربعين ساعة لانهاء اعتصاماتهم او نقلها الى مكان اخر ثم الحق تهديداته بارسال قوات سوات ( حسنة السمعة ) الى مدينة الرمادي ، هذا السيناريو ( تهديد وحشد عسكري ثم وساطات انتهت باستجابة المعتصمين ) يجب ان لايوقع رئيس الوزراء في وهمين احدهما  ان هذا السيناريو هو الامثل والانجح ويجب تكراره كلما حصلت ازمة بين الشعب والحكومة ، والآخر : ان لايتصور رئيس الوزراء ان ازمة الاعتصامات ( شقشقة هدرت ثم انطفأت)..
(سيناريو) حلحلة ازمة الرمادي ليس بالسيناريو الامثل الذي يمكن (تمثيله) مستقبلا (لفك الاشتباك) بين الشعب والحكومة ، ففضلا عن كونه يحتوي على ( مشاهد ) خطيرة قد تؤدي الى السقوط في هاوية اراقة الدماء ، فانه يشي بعمق الازمة في العراق لجهة العلاقة بين الحكومة والشعب ..ماكان لتظاهرات الناس واعتصاماتهم ان تنسج مثل هذا السيناريو المرعب، وكان بالامكان ارضاء الناس بالحكمة والعدالة والتسامح وروح المسؤولية .
كما ان على رئيس الحكومة ان لايتصور ان ماحدث في الرمادي وغيرها من اماكن الاعتصامات والاحتجاجات مجرد ( زوبعة في فنجان ) ، وعليه ان يبادر الى اتخاذ خطوات وقرارات شجاعة ترفع الشعور بالحيف عن ابناء المناطق الغربية ، لان اهمال مطالب الناس ( واغلبها مشروعة وقابلة التنفيذ ) سيؤدي الى اشاعة روح اليأس بين المطالبين بما يرونه حقوقا ، واليأس كما هو معلوم قد يولد انفجارات تخرج عن السيطرة.
ثانيا : ان العملية السياسية برمتها في ازمة عميقة وستنتج دائما وبأستمرار (ارتدادات زلزالية ) تشل حياة العراقيين، وسبب هذه الازمة (أم الازمات ) التي رافقت ولاية المالكي الثانية هو عدم تطبيق مبدأ  الشراكة الوطنية الحقيقية  بين فرقاء العملية السياسية ، وعليه فان العودة الصادقة لاتفاقية اربيل التي  منحت السيد المالكي ولاية ثانية  يشكل البداية الصحيحة لحلحلة ازمة العراق الشاملة ..نتمنى ان يكون السيد المالكي قد فكر بذلك.
[email protected]