8 أبريل، 2024 1:11 م
Search
Close this search box.

نهاية داعش و ملامح الخدعة الجديدة

Facebook
Twitter
LinkedIn

هل تعرف ما هي وظيفة مساعد الساحر ؟ و ما اهمية ما يقوم به ؟ و كيف يعتمد الساحر في اداء عمله على خبرة و براعة مساعده ؟ كم مرة قلت ان ما يقوم به الساحر سهلا ؟ لكن بعد ان انطلت عليك خدعته مرة او اكثر , فالساحر حتى يقوم بخداع جمهوره , عليه ان يلفت انظارهم الى خدعة اخرى ثانوية , تشغلهم للحظات حتى تكتمل الخدعة المراد عرضها  , و هذه هي وظيفة مساعد الساحر , الذي ينبغي ان يكون على درجة عالية من الدقة التي تجعل الجمهور غير قادر على متابعة الساحر و كشف خدعته , و في الوقت نفسه ترك الخدعة المزيفة التي يراد بها افساح المجال للخدعة الحقيقية الاكبر التي جاء لأجلها.

الفرق بين ما يقوم به الساحر و مساعده و ما يحدث في الواقع , ثلاثة امور , الاول هو حجم الخدعة المراد تنفيذها , و الثاني هو المسرح الذي تنفذ عليه ألخدعة و اخيرا الهدف المراد تحقيقه , مسرح بسيط و جمهور قليل و شهرة و مال هو ما يطمح اليه الساحر في النهاية , لكن في الواقع الذي نعيشه فالأمر مختلف , فالمسرح كبير جدا لا مجال لقياسه , و الجمهور يقدر بالملايين , و الغاية مخططات و تغييرات جديدة , ترسم ملامح دول , و تقرر مصير شعوبها , و من الطبيعي بحال ان تفكر بحجم مساعد الساحر , لكن هذه المرة القادر على تنفيذ الخدعة على ارض الواقع.

بعد حروب طويلة , و خسائر فادحة , ادركت الدول الكبرى , ان الحرب ليست السبيل الوحيد لتظهر قوتها و تنفيذ ما تريد من اجل حماية مصالحها ,  بل هناك ما هو ابسط و اقل تكلفة ,  تماما كالذي تقدم ذكره ( الخدعة التي يقدمها مساعد الساحر ) , دون ان تبدو معتدية بل محررة و محبة للسلام , اذ يكفي ان تصنع مجموعة تقتل و تهجر الابرياء ثم تزعم انك الوحيد القادر على مواجهتها و دحرها , و طبعا القضاء على هكذا عصابة مجرمة لن يتم بسرعة , بل يستغرق وقتا ربما يصل الى سنوات عدة , فالأمر يعتمد على المدة الكافية لتنفيذ الخدعة الاكبر التي تخفيها الخدعة الوهمية و هي دون ادنى شك تأسيس جماعة ارهابية تشغل الاعلام و الشعوب و تبعدهم عن التفكير فيما هو ابعد من ذلك.

طالبان ثم القاعدة و الان داعش , جميعها جماعات اسلامية متشددة وارهابية , شغلت العالم كثيرا و لا تزال , و البحث عن اسباب نشوؤها , سيصل بنا الى ما هو ابعد من تأسيس خلافة اسلامية او دولة جديدة , فالدول العربية جميعها مسلمة , و لها من المراجع الدينية الكثير و ليست بحاجة فعلية الى دولة ترفع شعار الاسلام بصورة مختلفة , إلا اذا تركز البحث عن الهدف من وجود هكذا نوع من الجماعات , فالأمر سيتخلف كثيرا , فحركة طالبان كانت سببا في احتلال افغانستان , لتكون مركزا لعمليات الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة , و ما ان بدأت هذه الخدعة تكشف حتى ظهر تنظيم القاعدة , الذي كان فرصة لاحتلال العراق على اعتبار ان النظام السابق كان على علاقة به و يمول هكذا منظمات ارهابية , طبعا دون ان ننسى ايقونة الاعمال الارهابية و اهمها على الاطلاق , تفجير 11 سبتمبر الذي كان سببا في ما يسمى الحرب على الارهاب.

و من الطبيعي ان رغبات الدول الكبرى لا تنتهي , و بالتالي حاجتها الى حجة للتدخل او خدعة مستمرة , و طبعا لا يمكنها ان تستمر في عملها إلا بعد ان حققت وعودها بانتصار مزيف كالذي حدث بعد مقتل اسامة بن لادن , الذي مهد لظهور تنظيم الدولة ( داعش ) , لكن هذه المرة الفائدة لم تكن من نصيب الولايات المتحدة الامريكية فقط , بل شملت الجميع روسيا و حلفائها كذلك ,و جميع من يدعي محاربة الارهاب  ايضا , بل حتى الدول المستقرة , التي لم تتأثر بما يحدث في سوريا و العراق اتخذت من داعش وسيلة لتخويف شعوبها التي تطالب بالحرية و ما الى ذلك من المطالب الشعبية.

داعش التي تتوالى عليها الهزائم هذه الايام , هو خدعة كبيرة اخفت اتفاقات اكبر , سواء بين الدول الكبرى نفسها او بين دول المنطقة , فحتى ان لم يكن للدول الاقليمية دور في تأسيسها لكنها لا تستطيع ان تنكر حجم الفائدة التي حصلت عليها بسبب وجود هكذا تنظيم , و نهاية هذا التنظيم لا تعني ان السلام قد حل , و ان الفوضى ستنتهي , بل هي مقدمة لما هو قادم , الذي ربما يكون بصورة مختلفة عن طالبان او القاعدة او داعش , لكنه سيتشابه في المضمون , كونه خدعة جديدة , تخفي ما هو قادم من مخططات , و مشاريع سواء في المنطقة او العالم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب