18 ديسمبر، 2024 10:11 م

نهاية داعش والتزامات الديمقراطيين

نهاية داعش والتزامات الديمقراطيين

بعيدا عن الضغوطات السياسية والعسكرية التي تمر على العراق، ومن خلال قراءة متأنية وهادئة يتضح للمتابع ان حكام الولايات المتحدة الامريكية (الديمقراطيون)، لا يريدون التورط الفعلي في إرهاصات المشاكل السياسية في العالم، خاصة تلك التي احدثها قادة الحزب الجمهوري الذين حكموا قبلهم، خشية تأثيرها خلال العامين القادمين على حملتهم الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة، ومن هذه الارهاصات ما يحدث في العراق وأفغانستان والمفاوضات مع ايران والقضية الفلسطينية وسوريا…
فلا يجد المتابع اي موقف حازم ومحدد من السلطة الامريكية في كل هذه القضايا، حتى وان اتسمت قبل اعادة انتخاب أوباما بالجدية مثل (القضية السورية)، الا انها أضيفت على مواقفها المائعة والمؤقتة بعد فوزه في انتخابات عام 2012…
لذلك نجد ان الولايات المتحدة تؤيد الاخوان المسلمين في مصر وكذلك هي تؤيد حكومة السيسي، وهي مع الحكومة الليبية وكذلك مع حفتر، وهي مع الفلسطينيين والدولة المستقلة ومع ضرب اسرائيل لغزة، وهي تؤيد ثوار سوريا لكن لا تريد لبشار الأسد السقوط !!، وهي تؤيد عبدالله عبدالله في أفغانستان لكنها مع عبدالغني في نفس الوقت، ولا مانع لديها بإعادة فرز الأصوات تحت إشرافها، وهي تفاوض ايران عن مشروعها النووي في العلن تحت غيوم جنيف ولكن تلتقيها لمناقشة الوضع السياسي في المنطقة سريا في عمان تحت شمس الخليج الحارقة، وهي مع المالكي في الاستحقاق الانتخابي لكنها مع معارضيه في نقدها لسياسة التهميش!!
ومن خلال هذه السياسات يتضح ان القضايا المطروحة على الساحة الدولية لا تؤثر كثيرا على الناخب الامريكي وهو المخاطب الرئيس عند الساسة الأمريكان، وهو بدوره يكترث للضرائب ومعالجة النظام الصحي ومكافحة البطالة وإيجاد فرص العمل والانتصار على الإرهاب اكثر من عالم السياسة الخارجية، ولأن قادة الحزب الديمقراطي ينظرون الى مستقبل الحكم في الولايات المتحدة، ويخاطبون الناخب الامريكي، فقد قرروا: تجهيز الأرضية السياسة لحركة ارهابية تمثل خطرا حقيقيا على الولايات المتحدة الامريكية…فاخترعوا (داعش) لتنفيذ هذه السياسة.
    داعش بدأت عملها بضرب جبهة النصرة والجيش الحر في سوريا ومن ثم تغيير ميزان القوى لصالح النظام السوري، الذي تحتاجه الولايات المتحدة ضعيفا ومقسما، وقد حدث ما تريد…ثم تعملقت داعش فجأة بقسوتها وسلاحها المميز…لذا وجب  فرزها سياسيا عن غيرها من المنظمات المتقاتلة على الارض السورية بنقلها الى حاضنة خاصة لها واحدها… فمهد لها الطريق لاحتلال مدينة الموصل التي انسحب منها آلاف الجنود العراقيين امام المئات من داعش، واختفى قادة العسكر، ولم يتم التعرض لها بعنف، حتى تستقر في هذا الموقع الاستراتيجي… وبعد ان استتب لها الوضع، لعبت داعش دورها على احسن وجه في الموصل، لتستقبل كل نطيحة ومتردية ومن عافها السبع من الساسة الخائبين في صفوفها، وبذا اكتملت الرؤوس وأينعت وخلال العامين القادمين سوف يتم قطافها بواسطة الولايات المتحدة الامريكية… لتسجل إنجازا وانتصارا وطنيا لصالح الحزب الديمقراطي ضد الجمهوريين، وذلك حين يعلن عن دخول مرشحتهم هيلاري كلينتون كأول مرشحة أنثى لرئاسة الولايات المتحدة، وان لم يحالفها الحظ (آنذاك) من حيث اعتلال صحتها العامة، فان جون كيري الخبير سيكون واجهة ملمعة بصفته عراب الصفقات.
    من هذا المنطلق بدأ جون كيري الطموح زيارات مكوكية شملت مصر والعراق والسعودية، وقدم التوجيهات للدول الثلاث لمواجهة المرحلة التالية، فخرجت كل دولة بقرارات (بعد زيارة كيري) تدل على مجريات الاجتماعات معه: اولا: السعودية أعلنت حالة النفير في الجيش (ولأجل الحبكة الدرامية اطلق صاروخ على الحدود وقتل جنديا سعوديا صائما) وتبرعت المملكة بنصف مليار دولار للشعب العراقي، ثانيا: مصر أعلنت تأييدها لحكومة العراق وقررت إيفاد وزير خارجيتها لغرض التنسيق معها، ثالثا: العراق بشخص رئيس الوزراء المالكي يشكر الرئيس السيسي على موقفه الداعم للعراق ويدعو لتعزيز (العلاقة التكاملية) ويعلن بأنه قد اشترى فعلا رشاشات رباعية وأسلحة مقاومة طائرات من مخازن السلاح في مصر.…
    إذا ما قرأنا الأحداث (بعد زيارة كيري) سنرى ان العراق برئيس وزراءه الحالي استقبل مبلغا ماليا من السعودية من خلال الامم المتحدة وأسلحة من مصر وخبراء من الولايات المتحدة لمحاربة داعش على ارضه، وهو قدر العراق الدائم ان يحارب بالنيابة عن الغير، ويبدو اننا سنشهد في منتصف عام 2015 نهاية داعش وكتابة صفحة جديدة في تعهدات والتزامات الديمقراطيين للمنافسة على الانتخابات الامريكية عام 2016، …وحتى ذلك الوقت اترك لكم حرية الاستنتاج…