تبنت كل الاديان والكتب المقدسة والالواح السماوية مبدأ الثواب والعقاب، جراء عمل الخير وعمل الشر، كما تبنت كل الدساتير والقوانين والتشريعات الدولية والمحلية في كل ارجاء المعمورة هذا المبدأ، لكنه يختلف بالتطبيق من بلد الى اخر. ومنه النص القرآني “بشر القاتل بالقتل”. ” ولكم في القصاص عبرة يا اولياء الالباب”.من هنا ننطلق نحو قضية التغيير النيساني في العراق 2003 وما جرى من احداث ومتغيرات كثيرة كانت ارواح الناس هي الثمن لكل تلك الاحداث والخلافات. حيث ظل نهر الدم العراقي يجري رغم زوال زمرة البعث وصدام، وهذه المرة على يد ازلامه وفلوله واعوانه المتعاونين مع زمر الارهاب والتكفير والقاعدة.ورغم كل تلك الجرائم والضحايا والمقابر الجماعية والمغيبين بالسجون والانفاق، وعمليات التطهير العرقي والطائفي، حظى كل ازلام النظام البعثي بمحاكمة عادلة ربما لم تكن مسبوقة بالتاريخ ليس في العراق والمنطقة وحسب بل ربما على نطاق العالم، وخاصة محاكمة قائدهم المقبور، والتي انتهت بالقصاص العادل ورد الاعتبار لكل ارواح شهداء العراق الذين اعدموا او غيبوا في سجون ومعتقلات ومديرية امن جمهورية الخوف البعثية.نعم ربما يبقى يوم 30 – 12 – 2006 (يوم إعدام الطاغية صدام) علامة مميزة في ايام العراقيين وذاكرتهم، بكل مشاربهم وانتماءاتهم وطبقاتهم وقومياتهم ومناطقهم ومذاهبهم وايديولوجياتهم وخاصة من عانى منهم ظلم وجور الدكتاتور.فقد ظل البعض يأمل عودة “القائد الضرورة” الى سدة الحكم والتسلط من جديد على رقاب الشعب، وحسب وجهة نظر هؤلاء، ليس من السهل على امريكا ان تتخلى عنه وعن نظامه القمعي الدموي، خاصة مع سلسلة الفوضى والارهاب الذي مارسه ازلامه ضد ابناء الشعب من اجل زحزحة ثقتهم بالعهد الجديد. كما ظل ايتامه يمنون النفس بالعودة الى السلطة وممارسة اساليبهم البشعة.من جانب اخر كان هناك من يحلم بيوم زوال صدام وحزبه وتحقق ذاك الحلم، كما تحقق حلم القبض على رجل الحفرة مثلما سمي بعد ان القي القبض عليه واخراجه من حفرة. بالتالي ظل امل العودة وحلم الاعدام يرود القليل والكثير، وظل الاثنان ينتظران الامل والحلم، لكن بالنهاية تحقق الحلم واعدم صدام في يوم، وصف بانه عيد ثالث فقد صادف اعدامه اول ايام عيد الاضحى المبارك، وبداية عام ميلادي جديد، دخل فيه العراق من غير صدام “القائد الضرورة”، ومن غير صدام رجل الحفرة المقبوض عليه، ومن غير صدام المتهم المرتبك المستفز من كل حركة، نعم دخلنا عام 2007 من غير صدام.دخلنا العام 2007 ونحن نحمل امنيات بسلام وامان وحياة اخرى بعيدة عن القتل والارهاب والترهيب والسجون والتقارير الامنية، لكن يبدو ان طريق العراقيين معبد بالقتلة والمجرمين، اذ ظلت تلك الفلول تمارس هوايتها بقتل الابرياء، وزع الفتنة الطائفية، منصاعة بشكل او باخر الى ما خطط ورسم لها من اجندة في دول اخرى. الامر الذي تسبب في وضع البلد على حافة منزلق خطير، كاد ان يؤدي الى ما لاتحمد عقباه.البعض منهم كان عضوا في مجلس النواب والبعض الاخر في الاجهزة الامنية سنحت له فرصة العودة بغفلة، او من خلال امتطائه موجة سياسية جديدة شكلا فقط، لكنه بالمضمون كان يحن الى ايام البعث المقبور، حيث ظل نهر الدم العراقي يجري باصابع وايد من هم في النهار بالسطلة يدعون الى نبذ العنف والارهاب، وفي الليل يخططون ويمولون تلك العمليات. دخلنا عام 2008 و2009و2010و2011 من غير الزرقاوي والبغدادي والكيمياوي ومحمد الدايني وعبد الناصر الجنابي وسيدهم ابن لادن واسماء اخرى لا تعد ولا تحصى مختلفة التوجهات والانتماءات.ونحن ندخل عام 2012 أمني النفس ان يكون عاما من غير كواتم وسيارات مفخخة وعبوات ناسفة ولاصقة وارهاب واعترافات وتشكيكات بالقضاء، وتخوين الاخر واتهامه بالعمالة.ندخل عامنا الجديد ونحن نحمل الاماني ان يقدم كل مجرم وارهابي وقاتل، مهما كان انتماؤه ومنصبه الى قبضة العادلة لينال جزأءه العادل، لما اقترفته يداه من جرائم وانتهاك لحرمة الدم العراقي. وليس الامر بصعب المنال ابداً.