ما إن تتمعن بين ثنايا هذا الكون، حتى يتخيل اليك أن الدنيا ربما على وشك أن تقترب من نهايتها، وأن ” يوم الساعة” قد يكون أقرب مما يتصور الكثيرون، ويوم نهاية العالم أصبحت أكثر دنوا، بعد إن وصل هذا الكون الى مرحلة أصبح تعايش الجنس البشري، فيما بينه، كما يبدو ، أقرب الى المستحيلات!!
لا أدري إن كان رب السموات يريد أن يضع نهاية لهذا العالم المسمى بـ ” الكون ” ، فقد انتهت الدول والكيانات وتهمشت الدول الكبرى وتوارت سطوتها وهيمنتها، وأصيبت بنكسات، ولم تعد هناك نظريات او قيم تحكم هذا العالم، بعد إن خلا الكون من المصلحين ، وتعذر نزول الانبياء والرسل، وأصبحت الظواهر الطبيعية والكوارث التي تحدق ببني البشر، خارج ارادة حتى الدول الكبيرة في أن يكون بمقدورها السيطرة على هذا العالم، أو وضع حلول تحول دون انفلات الكون، ووصوله الى المرحلة التي تقرب من نهايته ، حتى ان العلماء والمفكرين لم ينتجوا لنا نظريات أو خارطة طريق ، توضح لنا مسارات الكون المستقبلية، وكيف يمكن أن تكون، ما يعني عجز كل عقول العالم ومفكريه ومبدعيه ان يضعوا لنا تفسيرا واحدا يقنع العالم بأهمية ان يكون هناك عالم أو ” كون أرضي” بعد الان، يعيش عليه بنو البرية بأمن وسلام!!
وان تفكر في مدلولات هذا الكون، تتوقف أمامك كل الابواب التي يمكن أن ينبعث منها شعاع من النور، يمكن أن يطمئنك أن الكون بمقدوره أن يستمر، وقد يستمر لسنوات، لكنها ليست طويلة، بكل تأكيد، وان الكون ربما مقبل على نهاية مأساوية ، قد يؤول الى أن يختفي من هذه الدنيا، أو ان هذا الكوكب الذي نعيش عليه ، لم يعد صالحا للعيش، وان البشر الذين قطنوا عليه لآلاف السنين، قد يتطلب الامر انهاء خدماتهم جميعا، وتسليم مقدراته الى الرفيق الاعلى ، بعد أن يقرأ عليه الفاتحة، وقد يكون من أخوات كان..أو على شاكلة قول الشاعر : كان صرحا فهوى..!!
إن الكوارث المحدقة بهذا الكون والحروب والصراعات التي شهدها والأوبئة التي تهدد كيان البشرية ، وبخاصة وباء كورونا او أي وباء آخر يكون ربما أشد فتكا منه، قد ينهي هذا الكون، وتنتهي سلالات البشرية ، والجنس البشري ينقرض، وتتحول الكرة الارضية ربما الى ذرات تتفتت ، وتودع بني جنسها الى غير رجعة!!
نهاية الكون، وان كانت ليست بعيدة ، لكنها تقترب رويدا رويدا، وكل الدول والكيانات والشعوب والافراد متهمة بأنها شاركت بقسط من خرابه، بضمنهم الأئمة والسلاطين ، الذين نصبوا أنفسهم بديلا عن رب السموات، وهم من راحوا يحكموننا بإسم الخالق، بالنيابة عنه، وهم من أوصلوا خالق هذا الكون الى أن طغيانهم وفجورهم، لم يعد يحتمل، وان فترة ” قيام الساعة” أصبحت أقرب الينا من حبل الوريد!!
ليس مهما أن يظهر “المهدي المنتظر ” أو لايظهر، ولكن ظهوره، لابد ان يكون خاتمة لنهاية البشرية ، أما الحديث عن عالم يسوده العدل والمساواة ، قبيل نهاية العالم، فهي من قبيل الأمنيات والنظريات الافلاطونية، لأن العدل نفسه انتهى منذ أن أدى الانبياء رسالاتهم، ولم يعد هناك نبي أو رسول ينزل عليهم، فالبشر سرعان ما يتناسون كل ماقيل وما أنزل من كتب سماوية ، حتى وإن آمنوا بها، وفي قرارة أنفسهم تكون لديهم طموحات بالخروج عنها، لأنهم ما ان انتهى عهد الرسل حتى أيقنوا أن اصلاح العالم والسير به الى حيث معالم التعايش والرخاء قد انتهى ، ولن يكون حتى بمقدور الانبياء والرسلإن نزلوا فعلا، أن يصدقهم أحد، ويبقى الأمر متعلقا بمن يدير هذا الكون، لوضع ” نهاية” له بالطريقة التي يشاء، وقد لايظهر من يحدث العالم عن أقوام كانت تسكن على أرض هذه المعمورة، لأنها انتهت أصلا ، ولم يعد لوجودها معنى..ويبى رب السموات هو الحي الذي لايموت..وهو من يدير كونا آخر، قد لايكون على شاكلة البشر، وقد يتحول الى عالم الكتروني افتراضي، يدير نفسه بنفسه، دون ان تكون هناك حاجة لمخلوق بشري، يفسد في الأرض، ويملأها جورا وظلما وطغيانا وفجورا..أما مصير من آمن بالله ورسله، فالله سبحانه وتعالى هو الكفيل بهم، وهو من يقدر منازلهم، وأن يضعهم في أي عالم ، من عوالم الآخرة، التي هي نهاية الكون، وهو من يتكفل بمن خرج عن طاعته ، ولله في خلقه شؤون!!