18 ديسمبر، 2024 10:06 م

( نهاية العراق )  سيناريو ما بعد جلاء الاحتلال !!!

( نهاية العراق )  سيناريو ما بعد جلاء الاحتلال !!!

حين كتب الصحفي اللبناني فواد مطر مقالا افتتاحيا حمل عنوان ( الكر بلائي الذي يترأس الحكومة العراقية) في اشاره الى المرحوم الدكتور سعدون حمادي أصيب صدام حسين بالصدمة من تلك الدلالات التي يحملها العنوان رغم ان المقال حاول ان ينفي الطابع المذهبي للدولة العراقية التي لجأت بعد هزيمه الخليج الأولى الى الدين لحشد العالم الإسلامي وخاصة التيارات المتشددة مع العراق في حربه ضد أمريكا وحلفاءها.
وفؤاد مطر معروف بصلته بالمخابرات العراقية وهو واضع السيرة الذاتية المشبعة بالبروباغاندا عن( أسطوره القائد القومي )  صدام حسين التي وزعت في مجلد فاخر يقع في 372 صفحة باللغة الفرنسية اولا ثم صدرت الطبعة العربية عام  1980 التي وزعت على ملايين العراقيين مجانا لتكريس عباده الفرد القائد حيث  ذكر المؤلف ان اغلب معلوماته عن صدام حسين في هذا الكتاب حصل عليها من سعدون شاكر. لكن مطر أسوه بالكثير من الكتاب العرب الذين حرموا من عطايا العراق السخية التي ركع لها المغامرون والسماسرة في عالم الإعلام العربي المغترب عاد بعد إعدام الرئيس العراقي لينشر كتابه في «القرار الصعب والخيار الأصعب» (الدار العربية للعلوم –- بيروت 2007)  والذي تحدث فيه عن أخطاء القيادات «التاريخية» التي تشكل قراراتها منعطفات في حياه شعوبها، وترسم مسارات مصائرها إلى أمد بعيد .
لم تعد هناك معانٍ كثيرة مستورة يكشفها الكتاب فقد دفع القائد القومي في العراق  ثمن أحلام تكريسه قوة إقليمية معتمدة لدى أصحاب القرار الدولي.   دون ان ننسى الطعم الذي القته لولايات لمتحدة الأميركية لصدام حسين ليخوض ا لحرب ليفوز بدوره المرتقب كزعيم للعالم العربي خلفا لعبد الناصر بعد اتضاح نتائجها، فأقدم على ما أقدم عليه وكررها ثانيه في الكويت .. تلك المعادلة الغربية التي جاءت تنفيذا لسياسة( وضع الوحشين في قفص واحد) والتي أعقبتها  حين وضعت الحرب أوزارها  إستراتيجيه«الاحتواء المزدوج» التي أعلنتها الإدارة الأميركية والتي كرستها من خلال إجهاض ألانتفاضه الشعبانيه وإفشال محاولتين للمعارضة العراقية ضد النظام المترنح عامي 1995 و1996 ليسقط العراق  في (الربيع الامريكي)  مبكرا جدا. لقد حققت   تلك ألاستراتيجيه أهدافها، حين «احتوت» إيران  ، وأزاحت العراق من مواقعه العربية والإقليمية، بتدمير أوضاعه بالاحتلال، وبتفجير بنيته الداخلية، بالحرب الأهلية المستعرة بعد عام 2003 فيما أتاحت لإيران ترتيب أوراقها الداخلية والخارجية بدهاء وحكمه حين غاص المارينز بالمستنقعين العراقي والافغاني.
. كان القرار الأميركي تجاه العراق منذ نهاية الحرب الباردة قد بني على حسابات استراتيجيه أساسها أعاده النظر بشكل الخارطة العراقية على غرار ما جرى في يوغسلافيا سابقا  كجزء من الشرق الأوسط الجديد  فالمقصود أميركياً، بالحرب من أساسها، إخراج القوتين الإيرانية والعراقية، من ميدان المعادلات الإقليمية… كي يظل المجال مفتوحاً، أمام بقاء الأسطول الأميركي في مياه الخليج… وخلق ازمه او خطر دائم، واقتضت المصلحة ذلك والعالم العربي كان جزءا من 85 دوله زودت العراق بالسلاح  والمال ومهدت لاحتلاله لاحقا انطلاقا من أراضيها ومياهها وأجوائها  وغالبتها وفق مصالحها  لم تكن تريد للحرب أن تتوقف بالطريقة التي توقفت بها عام 1988م وألا تكون محكومة بالتوازنات التي وصلت إليها ولا ان ينسحب الأمريكيون الان ليسمحوا بالتقارب العراقي مع الإيرانيين او تركه لقمه سائغة يلتهمها آيات الله الذين أصبحوا بعد الشيوعية والقاعدة العدو المزعوم للحضارة الغربية.
 هذا يوحي، بكلام آخر، أن ثمة من أدار الحروب المتعاقبة ضد العراق من جهته وفق وجهة معلومة، وأراد لها أن تنتهي وفقاً لحسابات مدققة ومعروفة بعيدا عن نظريه المؤامرة لان ما يحدث حولنا يؤكد ما نقول. العرب  ألقوا بثقلهم خلف العراق في الحرب و في المفاوضات بعد عام1988  باستثناء دمشق التي وقفت الى جانب إيران ، مثلما كانوا قد تحملوا أعباء ضخمة، في دعمهم للحرب المشتعلة على «بوابتهم الشرقية»… لقد تصرفت الغالبية العربية انطلاقاً من الإحساس بالخطر القادم عليها من أفكار ايه الله الخميني «لتصدير الثورة» الإيرانية التي هولها الغربيون وتقبلتها الدكتاتوريات الوراثية التي لم تجد حرجا حين تعاملت مع ايران الشاه  ثم تحالفت ضد صدام حسين عندما احتل الكويت وارتكب خطيئته القاتلة.
 لكنهم حين سقط( بطل التحرير القومي) فعليا في ساحه الفردوس  تحالفوا ضد المشروع الامريكي في العراق بسبب إحساسهم بالنوايا الأمريكية القادمة تجاههم فتحالفوا لإفشال هذه التجربة التي كانت مختبرا لنقل عمليه سلخ سبعه دول من جسد يوغسلافيا وتطبيقها في العراق قلب العالم العربي من خلال نسف كيان دوله قائد في الإقليم بحجه معاقبه سلطه دكتاتوريه كانت أداه في تنفيذ سياسات واشنطن بالاضطرار أو الغباء أو الخديعة  .
 التساؤل الأخطر هو  كيف تؤدي الديمقراطية الامريكيه في العراق بعد أكثر من ثمان سنوات الى تفتيت كيان هذه ألدوله تحت مبررات حق تقرير المصير والفدراليه وحقوق المكونات الاثنيه التي تشكل العراق بينما ماليزيا وامريكا واستراليا ودول أخرى خليط من أعراق  وطوائف  متعددة تعيش في دوله موحده…. ولماذا خرج الأمريكيون من صالة العمليات دون انجاز ألجراحه والمريض مسجى وهو فاقد الوعي وينزف بغزاره وما هي مبررات الداعين للتريث( واغلبهم حمل السلاح بوجه الامريكيين ) من المستعجلين لرحيل الامريكيين او هكذا يتوهمون ؟؟؟
 الاجابه هنا  تطرح علامات استفهام كثيرة حول قدره  المستبد القوي( صدام حسين ) في الحفاظ على ألدوله  وكيف تمهد الديمقراطية(  نوري المالكي ) في دوله لم  ترسخ فيها مؤسسات ألدوله المدنية الى التقطيع الناعم مثلما يجري اليوم  في ظل خلق مراكز طائفيه إقليميه في المنطقة بعد أفول فكره القومية العربية وعوده الاحتقان الطائفي المصطنع والمدفوع الثمن عربيا لكي يقترن الجلاء الأمريكي من العراق بعجز ألدوله العراقية  او لنقل إسقاط حكومة نوري المالكي بدلالاتها الطائفية؟؟؟ ولماذا تحولت تلك القوى التي تبنت سياسة الضم وحاربت طموحات الأكراد منذ نشأت العراق الحديث وانتقدت الدستور لأنه اقر الفدرالية في هذا التوقيت بالذات الى أشرس المدافعين عن حقوق المحافظات في إعلان الفدرالية التي يتصورون أنها الانفصال وان ما حصده الأكراد سيتمتعون بمنه وسلواه ؟؟؟
 لااحد يعارض لامركزية الاداره والفدرالية في مرحله استقرار ألدوله لكن ثمة حاجه الى الاستخدام الأمثل للموارد والتكامل بين إرجاء العراق الغنية منها والفقيرة وتعميق التلاحم ومعالجه الجراح والشروخ التي خلفتها الحرب الطائفية والإرهاب  والاحتلال وتعزيز قوه العراق الامنيه والعسكرية وبناءه وتماسكه بدلا عن تفتيته مثلما يروج اليوم بصيغ مختلفة من الفدرالية من شانها ان تحول العراق الى دويلات تتحكم بها دول الجوار ويسهل التهامها لقمه سائغة تلو الأخرى بينما العالم يسير نحو التكامل والتلاحم والكتل الكبيرة لم استغرب ان يقرن البعض التحفظ الراهن على الفدراليه بانه تكريس للدكتاتورية وه و نموذج لا تعتمده سوى  دول قليله في العالم  وفق سماتها وظروفها .
تنفيذ مشروع التقسيم الطائفي الذي يروج له اليوم تحت يافطات ومبررات ومسوغات خطيرة يعني نجاح الإرهاب ومشروع الاحتلال معا في تفتيت العراق بصوره ناعمة بعد عجزها باستخدام الملايين من أطنان المتفجرات والمفخخين والتنظيمات المسلحة بل انه يمنح البعض من هذه الفصائل المبرر الذي حملت من اجله السلاح بدعوى مواجهه مشاريع تفتيت العراق وهو ما لم تقدم عليه حتى الانظمه الدكتاتورية ويمهد في حال تنفيذه لدخول العراقيين بمحض أراده ساسته و مجالسهم البلدية التابعة( التي إدانتها الحكومة والبعثيين وهيئه علماء المسلمين رغم تناقضها) الى مسلخ تقطيع أوصال ألدوله وكيانها العريق مرحليا نتيجة لهذه السياسات التي تبدو وكأنها رد فعل على انفراد طائفي مزعوم يروج له البعض من إنصاف الساسة ولكنها في حقيقة الأمر ليست كذلك رغم ألصوره التي تطفوا على السطح والتي دفعت هؤلاء القادة للتذمر منها مرارا والشكوى من تهميش وزراء ألقائمه العراقية وتجريدهم من صلاحياتهم. دون ان يكف البزوني ووائل عبد اللطيف والمجلس الأعلى عن ألمطالبه بال فداليه الان واتهام المعارضين لها بأنهم بعثيون!!!
 في نهاية عام 2006 صدر بمدينة نيويورك الأمريكية كتاب بعنوان “نهاية العراق” ومؤلفه بيتر جاليبيرث وهو أحد أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس الأمريكي في الثمانينات والتسعينات مما سمح له بالاطلاع من موقعه على الكثير من التقارير والوثائق السرية، التي كانت تقدم للكونجرس ولا تذاع على الرأي العام. كما عمل في إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون كسفير لواشنطن في كرواتيا، بعد أن شهد انهيار يوغوسلافيا، التي يقول( إنها تشبه إلى حد كبير العراق من حيث التباين المذهبي والطائفي). زار العراق عشرات المرات ككاتب وصحفي مستقل وكمستشار لشبكة ايه. بي. سي. نيوز الأمريكية، وقام بتغطية حرب الكويت ثم الاحتلال الأمريكي للعراق وتشير بعض المصادر الى انه يعمل مستشارا للأكراد وانه هو من أقنعهم بإدخال الفدرالية عند كتابه الدستور بدل الحكم الذاتي تمهيدا لاعلان دولتهم.  
 حاول في كتابه الخطير هذا ان  يبرهن على وجهة نظره بأن العراق الموحد – كما يقول- ذهب إلى غير رجعة، بعد أن كتب الأمريكيون شهادة وفاته، ويبقى عليهم الآن الاعتراف بخطيئتهم الكبرى واستخراج شهادات الميلاد الخاصة بدويلاته الثلاث. يقول المؤلف، الذي وصف كتابه بأنه كشف حساب للتورط الأمريكي في العراق: “إن خطايا السياسة الأمريكية جعلت هذا البلد ينجرف لنزيف دماء لا يتوقف ليفتح الطريق أمام حرب أهلية لم يشهد العالم لها مثيلاً من قبل. ويضيف المؤلف “إذا كان ثمن توحيد العراق وجود ديكتاتورية أخرى فإن هذا سيكون ثمناً باهظاً فاحش الغلاء. – يشخص ويلخص معالم ما أسماه بـ”الجريمة الكاملة” التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في العراق وكيف أن الإستراتيجية – التي أعدها ونفذها سياسيون بعضهم غير متمرسين وبعضهم فاسدون أسندت إليهم المهمة فقط لولائهم لصقور بوش من المحافظين الجدد – فشلت في الحفاظ على نسيج الوحدة الهش في هذا البلد و يرسم المؤلف مايراه السيناريو الواقعي لمستقبل العراق وهو : دويلات ثلاث عبارة عن دولة كردية في الشمال موالية للغرب، ودولة شيعية موالية لإيران في الجنوب، وثالثة تعمها الفوضى من العرب السنة في الوسط تحدد هويتها فيما بعد
 هل يدرك ساسه العراق الفدرالي  وقاده طوائفه  ومشايخه ورعيل الدخلاء على الإعلام العراقي في أي طريق هم ماضون خاصة أولئك الذين تبنوا على مدى ثمانين عاما مشروع ألدوله القومية والذين صمتوا حين أعيد أبناءهم في نعوش بسبب حروب القائد الضرورة بدعوى أنها حروب مشروعه من اجل الدفاع عن وحده أراضي العراق واستعاده (ألمحافظه التاسعة عشر ) وتجرعوا عوسج الحصار ورغيف الخبز الاسود المصنوع من علف الحيوانات   وبرروا مئات المقابر الجماعية وانفراد العشيرة بقرار اعرق دوله في التاريخ بحجه منع تفتيت الخارطة  هل يدرك هؤلاء اليوم ما ستحصده قراراتهم الطائشة للمطالبة بتقسيم الوطن بحجج واهية او مدفوعة الثمن من النظام العربي  والإقليمي والقوى الساعية لتفتيت العراق وعزله عربيا وإقليميا ؟؟؟
الذين كانوا جزءا من منظومة الدكتاتورية بكل صورها والذين تبنوا العنف والإرهاب  بعد عاصفة ساحة الفردوس والساسة الفاسدون التابعون للغير المتصارعون على السلطة والغنيمة  هم من ينفذون بوعي او بغباء مفرط مشاهد   السيناريو القادم بعد رحيل الاحتلال عن العراق  لأنهم ببساطه جزء من أدواته او لنقل ساطور تقطيع وطن وشعب واحد موحد في وقت تجد فيه النخب المحشوة بالتبن كثيرا من الحجج لتغير مواقفها…. ولكن من يبر للمومس خطيئتها ؟؟ .