23 ديسمبر، 2024 12:32 ص

ننتصر بعراقيتنا ولسنا طائفيين!..

ننتصر بعراقيتنا ولسنا طائفيين!..

منذ عقود من الزمن, وشعبنا يعاني التقسيم الطائفي, والتسلط, والثقافة المغلوطة حول الدين, فأضحى يعيش في تناقضات متطاحنة, وتحت وطأة الحكم الدكتاتوري؛ اندثرت مفاهيم الوسطية والاعتدال, وتلاشى بين ليلة وضحاها احترام الإنسان, وأصبح أداة بيد المتسلطين والمفسدين, حتى بتنا لا نملك حرية للرأي, والمعتقد.
الطريق لم يكن سالكاً, او معبداً بالورد, فالعراق تكالبت عليه المحن, وأرادت بكل ما أوتيت أن تغتال طفولته, وتقتل شبابه, وانتهاك حرماته ومقدساته.
من هنا نستنتج, أن المفهوم الطائفي الموجود في وقتنا هذا لم يأتِ من سراب, فالظلم الذي عاناه الشعب في زمن الدكتاتورية؛ ولّدَ لديهم أحقاداً, وضغائن دفينة, لم يستطع أكثرهم إعلانها, إلا بعد سقوط التمثال وبدء التحرير, لنكون تحت احتلال أمريكي ديمقراطي مزيف, الذي لعب دوراً مهماً في زراعة الفتن, لتنفيذ المخطط الإسرائيلي, بكل احترافية, من مبدأ فرق تسد, لعبة خبيثة بيد أمريكية, لتفرقة أطياف الشعب, وبالأخص بين المسلمين (السنة والشيعة).
الاستكبار العالمي أرادة شرارة, لكي يشعل ناراً طائفية يصعب إطفائها, وهي اللعب على وتر المذهب, وهذا ما فعله, لكونه يعلم جيداً أن الأغلبية الشيعية في العراق, والإحساس بالظلم قد اعتلى نفوسهم, وسيطر على مشاعرهم من حكم الطاغية, بمحاربته لكل شعائرهم المقدسة, التي اعتبرت وما تزال خطاً أحمر, فمارس القائد الأوحد كل أنواع الترهيب, من نفي – قتلٍ – سجنٍ وتهجير, مما جعل منهم قنبلة موقوتة, ورغم كل هذا فالعقول الراجحة التي تمتلك زمام الكلمة, من رجال المرجعية الرشيدة, كانت صمام الأمان لهذه الفئة المظلومة من الشعب.
في خضم التغيير الجديد, والهيكلة التي وضعت أمريكياً قبل انسحابها؛ وزراعة أذناب لها من السياسيين, وتسنمهم مناصب حساسة في الدولة العراقية الوليدة, ليكونوا أركاناً مهمة في مفاصلها, ويضمنوا الحصانة لهم, ليلعبوا دوراً كبيراً في نشر التفُرقة بين أبناء الشعب, والقتل على الهوية من ميلشياتهم المسعورة, التي جابت الشوارع في حينها من الطرفين, سيما أن أفعالهم وأفكارهم أخطر من الاحتلال نفسه.
فشلت أمريكا وخاب سعيها هي وأذنابها, لكنها خلقت وحشاً جديداً بصفات مرعبة, والمعتنق إسلامي متطرف همجي (داعش), لتضرب به كل أبناء العراق, وهنا لعبت المرجعية الرشيدة دوراً ريادياً, حين أعلنت الجهاد الكفائي, ضد هذه الزمر التكفيرية الحاقدة, مما ولّدَ الغيرة والإيثار لدى أطياف الشعب العراقي, ليقفوا صفاً واحداً لمحاربتها, وحماية أرضهم وعرضهم من دولة لا إسلامية, أرادت أن تعود بنا الى زمن الجاهلية المقيت.
الشعب العراقي أصيل, روحه رفضت الانصياع للقدر, واستجابت للامتحان, وأقامت معادلة واقعية واجهت بها العالم, وأثبتت عنفوانها, فتعلم الآخرون من دروسها, حين قدموا عملاً خالصاً نقياً, لخدمة عراقهم.
العراقيون بفطرتهم يمتلكون صوتاً وفكراً واحداً, لكنهم ليسوا طائفيين, لأنهم بمجموعهم كنز وطني عريق يستحيل سرقته, أو اقتلاعه, فاتفقت ضمائرهم مع قلوبهم, في خارطة الوحدة والتسامح, وعندها أصبح الأمر ملزماً عندهم, (قلوب مطهرة ونفوس معطرة), إنه النصر جُلّ ما ننتظره الآن, فلقد تعلمنا من الحسين أن نكون مظلومين لننتصر.