23 ديسمبر، 2024 6:51 ص

نم قرير العين يا أبا أحمد….

نم قرير العين يا أبا أحمد….

عندما يتمكّن الحقد الأعمى من النفوس المريضة …..وتستوطن عقولهم الأفكار العفنة ، وتسيّر أرواحهم النجسة عبدة الشياطين، تفجّر نفسها وسط الأبرياء ، لتقتل الحياة ، وتزهق الأرواح ، وتثكل النساء ، وتيتّم الأطفال …
كان عابراً نحو المصرف ليودع أموال تكاليف سفره إلى حجِّ بيت الله الحرام .
كان مزهواً ، فرحاً ، جّذلاناً ، وهو يخطو الخطوات الأخيرة إلى بيت المعبود، ولم يظنّ أنّ أيادٍ قذرة ، كانت قد أعدّت العدّة لتسلب منه الحلم….
لكنّه أكمل مسيره نحو اللقاء الأجمل والأكمل …. لقاء الله ، إنّه الشهيد السعيد عبد الزهرة عباس علي الخفاجي…
القلم فوق الورقة ساكنُ لايتحرّك …. ينتظر ، يترقّب دفق المشاعر واستحضار الذكرى.. عاجزُ أنا أمام اللحظةِ التي تتحدّث عنك …
تترقرق دمعاتي في المآقيّ … إذ تزاحمت الصور والخواطر …. تعابير وجهك المتعب، ونظرات عينيك الشاردتين ، وأبتسامتك المقتحمة لألم السنين والمحن ، نبرات صوتك ، وانتقائك لكلمات الدلال .. فاحت عبقاً شذياً … تنساب قهقهات مرّة أحسّها … تكشف عمق الألم والهمِّ … يدك البيضاء المبسوطة أعطت للإيثارِ رونقاً ومساحة … في يوم رحيلك كان للنوارس حديثاً آخر … أردّتَ إردتداء الأجنحة البيضاء … لتهاجر بها إلى بوصلة المتعبّدين … لكنّ هذه الأجنحة صفّت ودفّت عالياً نحو مرتع الجمال الأكمل …ولأنّك نقيّ … فقد تسامت روحك فوق الصغريات …
مرّة أخرى ينتكس قلمي، ويقف متحجّراً يأبى المسير… يعجز عن بلسمة جراحي … تهبط الدمعات ساخنات موجعات …. تفضح عجزي وألمي ….
أبا أحمد … أيّها العاشق للكمال … الموقن بحتميّة الوصول … نم قرير العين فقد وصلت ….
ولأنّك رحلت فقد كنت الأكمل ….. ولو كنت بقيت لكنت الأفضل…

[email protected]