18 ديسمبر، 2024 8:08 م

الدكتاتور عندما يتعرض الى ضغوط ويحاصر بمشاكل لايفكر في ايجاد الحلول للتخلص منها وانما يسعى الى خلق ازمة يطيل بها فترة بقائه على الكرسي، والذي هو همه الوحيد وهاجسه اليومي.

في 8/8/1988 خرج صدام من الحرب العراقية الايرانية منتصرا كما اقنع نفسه على الاقل، تلاحقه استحقاقات كثيرة، منها كيفية استيعاب عشرات الالاف من المسلحين الشباب ودمجهم في المجتمع وموؤسسات الدولة في ظل خزينة خاوية مثقلة بديون متراكمة،لكن الاستحقاق الابرزبعد هذه الحرب هو دستور ثابت يضع حد للمغامرات, حيث بدأ الهمس يسري بين المثقفين من ابناء الشعب في الداخل،تدعمها اصوات معارضة في الخارج تطالب بالدستور، بل حتى بعض المتعاطفين مع البعث شارك الشعب في هذا الهمس، ونتيجة للضغوط الخارجية انصاع صدام لتشكيل لجنة برئاسة الدكتور منذر الشاوي على مااذكر، باشرت هذه اللجنة بكتابة الدستور، وجرت مناقشات حوله، وحدد موعد للاستفتاء، ورغم انه لايلبي الحد الادنى من طموحات الشعب العراقي استكثر صدام على الشعب هذا الاستحقاق، ولأجل التخلص من هذا الإلتزام ولاسباب اخرى منها سياسية واقتصادية دخل صدام الكويت محتلا، ليخلق ازمة يهرب عبرها الى الامام بدلا من اللجوءالى حلول عقلانية، لتتحول بعدها الازمة الى كارثة ادت الى خراب لاتزال آثارها باقية الى يومنا هذا.

منذ عقود وال البرزاني يرفعون شعار مظلومية الكرد ليس حبا بهم (السياسي لايحب ولايكره، مجرد من العاطفة )، وكانت مطالبهم بسيطة سقفها العالي حكم ذاتي، وهو عبارة عن مجلس تشريعي ومحافظين، وبفضل امريكا وحماقات صدام تم عزلهم عن الدولة العراقية ضمن خط العرض 36، لتنشب بعدها بين الحزبين الرئيسيين صراعات على النفوذ، لتعود بعدها امريكا مرة اخرى واثناء التمهيد للغزو لملمة البيت الكردي وتأجيل الصراعات الى حين وتعيد الاقليم بعد الاحتلال الى حضن الوطن ضمن عراق اتحادي تمتع به الكرد باستقلالية شبه تامة مع دعم اقتصادي من الحكومة الاتحادية وتمثيل سياسي جيد كونهم جزء من الشعب العراقي، مع هذا الوضع احترقت ورقة المظلومية ولم يعد لها تأثير، ولأن مطالب القادة الكرد اصبحت بلا سقف مع وجود حكومات هشة وقابلة للابتزاز، استخدم مسعود ورقة التهميش والاقصاء والتي احترقت بدورها في ظل تمثيل برلماني وحكومي عادل يضمن له المشاركة في صنع القرارمع قدرة على تعطيل اي قانون لايتناسب مع تطلعاته كرئيس اقليم، وبسبب الازمات الاقتصادية التي ضربت الاقليم، وفقدانه للشرعية، وتعطيل الحياة السياسية بغلقه لابواب البرلمان الكردستاني، رفع ورقة الاستفتاء حول تقرير المصير، ولا اعلم عن اي مصير يتحدث بعد ان قرر الكرد حسم مصيرهم ضمن دولة اتحادية عبر الاستفتاء على الدستور، كما ان الاقليم ليس محل نزاع بين دولتين ليقرر شعبه مصيرهم بالانظمام لهذه الدولة او تلك، اضافة الى ذلك ان هذه الخطوة لم تحظى بمباركة اقليمية ودولية.

نموذجان للتعنت والصلف مع فارق التشبيه كون الاول لم يضع يده في يد اسرائيل، لكن الثاني يتشابه مع الاول في تمسكه بالكرسي الذي اصبح جلوسه عليه غير شرعي لو لا قرار داعش بالتمديد له لسنتين اخرى، وبعد بروز ملامح القضاء على داعش وفي محاولة منه للهروب من استحقاقات سياسية الى الامام استغل ما يدغدغ عواطف الكرد الذين عليهم هم واحزابهم المعارضة ان يعوا خطورة هذه المغامرة التي سوف تجر العراق والمنطقة لمشاكل كثيرة ولا تصب في مصلحتهم وانما في مصالح شخصية وحزبية.
منطقة المرفقات