23 ديسمبر، 2024 4:29 م

نكون كما نكون!!

نكون كما نكون!!

العصر الذي نحياه هو إنعكاس متراكم متطور لما كان يعتمل في عقل الأجيال , وما يتحقق من حولنا في واقعنا المكاني والزماني تحقيق لما فينا من الأفكار والتصورات والرؤى والمواقف والتحولات.

فواقعنا مرآتنا , وسلوكنا فعل نفوسنا , ويترجم طبائعها ونوازعها وما تكنزه من الطاقات , ففي الأعماق طاقات ذات قدرات هائلة وفاعلة في الحياة , ولكل طاقة تأثير وسلوك يستوعبها ويحقق غايتها , ويرعى آليات تصريف محتواها , والنفس طاقة متجددة تكنز قوى تفاعلية شديدة الإنفجار, خصوصا عندما تنحبس وتختنق وتتعتق في أوعية الأعماق ولا تجد منفذا , فأنها تتحول إلى طاقة منفلتة ومسعورة , تنتشر في فضاءات واقعها وتؤكد ما فيها من تحولات , ومنطلقات ذات خطورة متناسبة مع درجة إنحباسها وعمائها وإنفلاتها.

وعندما ننظر أي واقع في بلداننا ونقارن مفردات الخطاب السائدة ونحللها , نرى وضوح ترجمتها في الأحداث والتطورات والتداعيات المتحققة في المجتمع.

حيث تبدو رؤى القوى السياسية متحققة في الواقع القائم , وكل ما يدور في المجتمعات من تفاعلات لم يأتِ من فراغ , وإنما يعكس ما تحمله القِوى من أجندات متنوعة , وجميعها تشترك بأنها تعادي حتى مصالحها , وتتقنع بما لا يمت بصلة لحقيقتها , وتفعل ما يكذّبُ أقوالها , ويدينها ويضعها على حافة النفاق الدفاق والفتاك.

وعندما نتأمل مجتمعات أخرى متطورة وذات إستقرار إجتماعي وسياسي , تجدنا أمام ذات القانون السلوكي , والفرق أن ما تحمله من رؤى وتصورات يختلف تماما عما يتراكم فوق كراسي السلطة في مجتمعاتنا , وبمقارنة بسيطة يتضح فرق المحتوى الداخلي وما يترجمه في الواقع الخارجي.

هكذا تظهر حقيقة التطورات والتفاعلات القائمة في دروب الأيام وسوح الأعوام , وعليه , فأن القول بتغيير إيجابي وإستقرار , إنما هو ضرب من الفنتازيا أو أحلام اليقظة , إن لم تتغير الرؤى والتصورات والمواقف , وتتحقق ثقافة حضارية إنسانية لها القدرة على إستيعاب حاجات الحاضر والمستقبل , وبدون هذه الصيرورة النفسية والفكرية , لن تخرج مجتمعاتنا من مأزقها الإتلافي الذي يقدد وجودها , ويوهن عضدها ويمزقها شر ممزق , ولا بربح من هذا الهوس الإنفعالي الأحمق إلا المتربصون الطامعون المنطلقون نحو تأمين مصالحهم وإفتراس غيرهم.

فلكي نكون علينا أن نحدد بوضوح ما نريد أن يكون , فلا يكون من غير كائنٍ فاعلٍ مكنون , وليس صحيحا أن المتحقق من فعل الغير بمعزل عن فعل الذات الجمعية الفاعلة في المكان والزمان , إذا لابد من توافق إيقاعي بين الكينونات الكامنة في العناصر المتفاعلة الساعية لإنتاج مركب مطلوب ومرغوب.

فهل سنراجع ما فينا ونشذّب محتويات النفوس لكي نفوز؟!!