18 ديسمبر، 2024 6:23 م

نكبة الدولار…إحتجاج على خراب السلطة

نكبة الدولار…إحتجاج على خراب السلطة

أزعم إني لست من خبراء الإقتصاد ولا من الغارقين في بحور المال والإقتصاديات، إلا إنني أمتلك من العقل والفهم ما يجعلني على يقين و إدراك إن أغلب أزمات إرتفاع سعر الدولار والفقر والتجويع هو إنتاج أو صناعة حكومية بإمتياز وسيناريوهات مُعدّة سلفاً من أصحاب الأوداج المنتفخة والكروش الممتلئة لسياسيين إرتزقوا من السُحت لاينظرون لواقع البلد الذي يأكلون من خيراته لما هو أبعد من تحت أقدامهم.

في مبررات لا يمكن البوح بها إن السلطة الحاكمة بهؤلاء مصممة على شفط آخر دينار من جيوب المواطنين نهباً وإقتداراً دون شرط المجاهرة بذلك.

تعددت الأزمات بأشكالها المتنوعة في هذا الوطن المنهوب كان آخرها أزمة الدولار الذي أسقط الدينار العراقي بالضربة الموجعة.

لا نستطيع إبتلاع فكرة إن حكومة الخدمات التي أعلنت عن نفسها في شعارات تأسيسها تركت الدولار يتقافز أمام أنظارها، في حين يتهاوى الدينار العراقي إلى حضيض التعويم دون أن تملك زمام المبادرة في كبح جماحه، ذلك الصعود الغريب والمريب للدولار والهبوط المخزي للدينار، لم تحاول الحكومة تفسير ما يحدث من أسباب ذلك للشعب أو على الأقل تبرير مقنع لحالات الغلاء التي تفتك بالفقراء من جراء تلك الأزمة، بل ذهبت إلى العكس في زيادة الأزمة وإتساعها.

لو كان العراقيون يشعرون بشيء من الدولة على الأرض التي يحيون عليها لرأيتم أروقة القضاء وقاعات المحاكم تغص بالدعاوى والقضايا ضد حكومة السوداني بعد أن أخبرهم رئيسها ومن على شاشات التلفاز حين “ورّطهم” بأن يتخلصوا من الدولار في بيوتهم لأنه مقبل على إنهيار مؤكد، لكن القادم من الأيام أثبت العكس.

أصبح للدولار سعران، الأول الذي أقرته الحكومة في الموازنة وهو سعر البيع الرسمي، والثاني هو في السوق الموازي (السوق السوداء) الذي يشتري به المواطن العادي الدولار من الأسواق المحلية، وبين السعرين فارق ليس بالقليل يذهب فرق سعره إلى جيوب أحزاب وشخصيات تملك مصارف وبنوك لبيع الدولار لتصبح مبالغ الفروقات مئات الملايين من الدولارات ستخرج قريباً إلى العلن وفي أيام الإنتخابات كهدايا ورشاوى وعطايا للناخبين من أجل تجديد العهد وإنتخاب الفاسدين مرات أخرى.

فصول جديدة من أزمات متتالية لإشغال الناس بمتواليات المشاكل بدلاً من إستكمال الأسئلة وإنتظار إجابات القرارات القديمة.

لايُعرف هل هو نوع من أنواع معاقبة الشعب عن طريق شفط أموالهم ومرتباتهم التي بدأت تتضائل من جراء التضخم وغلاء الأسعار وفحش التجار في إستغلال الأزمة، أم أنه قرار أمريكي فُرض على الحكومة وتريد من الشعب أن يشاركها الأزمة وكأنه السبب في صناعتها.

إرتفاع سعر الدولار من جراء جريمة تهريبه إلى دول الجوار بعد أن تحول إلى مُسيّرات وعتاد وأسلحة تُصنع في مصانع الجارة لتوضع في أيادي الروس بحربهم ضد أوكرانيا مما جعل الفاعل الأمريكي يتدخل وبشدة لوأد هذا التدفق الدولاري.

يعجز العقل عن إفهامهم أن عقوبات الخزانة الأمريكية على إقتصادهم تتخطى الإقتصادية إلى سياسية وهي بداية لمعاقبة نظام سياسي إرتبط وجوده بسعر الدولار مستعد أن يتهاوى أو ينهار في أية لحظة يشاء صُنّاع الدولار.

عقوبات الخزانة الأمريكية تختص بصناعة سياسات دول وإستراتيجيات أنظمة وليس الإقتصار على إقتصاد أو تجارة عملة.

أزمة الدولار في العراق هي معضلة سياسية وليست إقتصادية، فلازلنا نكرر القول إن من يدّعون السلطة لازالوا لا ينظرون لأبعد من تحت أقدامهم، وتلك هي مشكلتهم التي تسببت بجروح وفقر للشعب.