نقل التجربة ناقصة بدون علات نجاحها ومقومات وجودها من الاسباب الرئيسية التي تسبب ارباكا في حياتنا اليومية نحن كشعوب ميتة الابداع لا تجيد سوى النقل وليته نقلا مع مجموعة عناصره المؤثرة في انتاجه ، فتجربة نظام الجودة في المدارس العراقية ولا اريد التعميم على كل مناطق العراق بل على ما رأيته وعشته في جنوبه ، واحدة من تلك التجارب التي زادت الامر تعقيدا وسخرية ،فنقل النظام حبرا على ورق ، تنظير لا حدود له ، نقاط وعبارات وخطط مكتوبة ورؤى ورسائل ودورات وورش ، الحقيقة ان الواقع لا يتلائم ابدا مع واحدة من كل تلك التفاصيل النظرية الجودية ، فمدارس باعداد خيالية من الطلاب يتجاوز الصف الواحد فيها الستين طالبا ، بصفوف لا ابواب لا زجاج شبابيك ولا رحلات حديثة ، وبكوادر يعتريها نقص بالعدد يحيل المدرسة الى دوام ممل من الشواغر القاتلة ، لا دورات حقيقية فاعلة ، وطلاب تعيش بيئة وانظمة اقتصادية بائسة أجبرتها تلك العوامل على التنمر والتمرد المستمر ، المشكلة عندما يراد لتلك الكلمات النظرية ان تنتج وتلد في هكذا وضع متأزم كما انتجت هذه الظوابط في بلدان متقدمة توفرت فيها كل شروط الجودة ،فهذا كمن يريد ان يدخل الجمل في سم الخياط كما في المثل القرآني المشهور ، او كمن يريد يريد ان يحلب عجلا كما يتدوال العامة هذا القول المألوف ، لابد من ان نعي حقيقة الامر وان نفهم ان نقل التجارب ناقصة مع عدم توفير بيئتها التي لاتنفصل عنها في الانتاج ، انما هو جهد ضائع ومردوداته معقدة غير ايجابية ، تكلف الحكومة الكثير من المال وتصرف الكثير من الجهد وتقتل عقاربا من الوقت بدون فائدة ، وأما التجربة الاخرى ايضا هي في نظام التربية تجربة عدم ضرب الطالب اعتمادا على اساليب علم النفس التربوي كما مطبق في اكثر دول العالم المتحضرة ، تلك الدول وتلك الشعوب وبفضل حكوماتهم استطاعت ان تنهض بهم الى مستوى ثقافي وعلمي وتربوي مهم جدا بحيث اصبحت كل تلك الطرق التربوية التقليدية لا تتلائم ولا تنتج بل قد تكون سالبة وتؤثر تأثيرا عكسيا في الاتجاه الذي يسير به الوضع العام للبلاد ، نعم نحن نؤمن بنتائج علم النفس وما يقدمه هذا العلم من جهود كبيرة في سبيل التربية الصحيحة ، ولكن بشرطها وشروطها ، وهذه ايضا تجربة اريد نقلها لنا ولكنها في غير محلها ، انا اتحدث عن مدارس في اطراف المدينة وعن اطفال خلقت منهم ظروف المعيشة القاسية وظروف البلاد اللعينة جيلا غريبا يميل الى الشغب في الكثير من حالاته ، وتربوا في ظل ثقافات عشائرية بدائية وقوانين اجتماعية تعسفية في كثير منها ،نعم لاذنب لهم في كل ذلك وهم ابنائنا وهذا هو قدرنا ان نكون على قدر المسؤولية العالية ، ولكن علينا ان نبدع لانفسنا انظمة تتلائم مع مرارة هذا الواقع الاليم ، وان ننتقل بهم خطوة بعد خطوة بطريقة مدروسة وخطط علمية ملائمة لتحديات الواقع البائس ، وان لا نتقيد بكل ما يمليه علينا العالم المتحضر ،لا لقصور في تلك الاساليب بل لامتناع تنفيذها على القابل ، فلنتمرد على تلك الاساليب ولو لفترة زمنية معينة بسبب الظروف القاهرة التي نعيشها وكاننا خارج منظومة العالم التربوي حتى نلحق ولو قليلا بالركب العالمي وللحديث تتمة ان شاء الله