(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين)
يدل الله سبحانه في هذه الآية أصل العمل والتثبت من الخبر وهو من الأصول العقلائية والشرعية والمنطقية، التي يبتني عليه أساس الحق والعدل والصدق، في شتى المجالات الاجتماعية الإنسانية، وأمر بالتبين في خبر المنقول وهو في معنى النهي عن العمل بخبره،والتأكد والتبين في حقيقته . من دون ان يلحق ضرر مادي او اجتماعي او اخلاقي .
وفي خضام تطور المجتمعات وتطورت ادوات ووسائل النقل والمنقول وتطور الاساليب والمعدات وتم الاعتماد على مؤسسات رسمية وغير رسمية، ووسائل الاعلام الحدبثة في نقل الاخبار والمعلومات وان ظهور العديد من المؤسسات الاعلامية المستقلة وايواء فيها كل من هب ودب من خارج التخصص الاكاديمي والمهنة الاعلامية الرصينة جلبت الكثير من المشكلات والمخاطرواصبحت عبئا ثقيلا على النؤسسة الاعلامية الرصينة واهدافها وثوابتها المهنية والاحترافية .
ومن المشكلات السائدة والخطيرة في المجتمع تكمن في مواجه ظاهرة غير مهنية ولا تمت للإعلام المهني باية موضوعية او علمية او احترافية وهي ظاهرة التسويق والنشر الاخباري العشوائي والغير منضبط ولا يمت بصلة لحرفية الإعلام وضوابط المهنة الصحفية والاعلامية التي تعتمد على المصادر الرسمية الموثوقة في عملية النشر والتسويق الاخباري، وخصوصا في ما يتعلق بالأخبار الأمنية والمعلوماتية الخطيرة والتي من الضرورات الوطنية والشرعية والاخلاقية والمهنية التعامل معها باعلى درجات الامن والانضباط والمصداقية ،ومراعاة الجانب الوطني والوظيفي بكل حيادية، فالاعلامي والصحفي المحترف في فن ومهارة ومهنية المهنة يتصرف وفق الضوابط الرسمية المحددة ،ويعتمد على المصادر الرسمية الرصينة في نقل الاخبار وتداولها بشكل قانوني ومهني، بعد ان يتبين له كل حيثيات الموضوع والتحقق من دون التباس وغموض والتأكد من مصادر النقل ورصد الاخبار والمعلومات المنقولة الدقيقة وفرزها وتدقيقها والتثبت من مصداقيتها والتحري والتأكد من صحة الخبر قبل قبوله أو نشره.
فالتثبت من نقل الاخبار ومصادرها من صفات الاعلامي الناجح الذي يتمتع بالنضوج الفكري والتصرف القانوني والعقلاني دليل على العقل والرزانة، والفضيلة الاخلاقية والمصداقية الشرعية والواجب المهني الحقيقي في نقل الاخبار الرصينة والحوادث والوقائع امام الرأي العام بكل حيادية ومهنية ومصداقية
العالم اليوم يتعامل الناس بحواسهم مع ما حولهم من الأحداث والأخبار، وتعد الأخبار من الامور المهمة المتداولة بين الناس والتي اصبحت حالة عامة تصب في خدمة المجتمع او هدمه بكافة جوانب الاخبار ومصادر تأثيراتها الاجتماعية والامنية والسياسية والثقافية ولها وقع وتأثير كبير في النفوس، وجراء التطور الهائل في وسائل النقل التكنولوجية الحديثة لما حصل من تطور هذه الوسائل التي تنقلها ، وصار الخبر ينتشر وبوسائل سريعة من هاتف وجريدة ومجلة وإذاعة وتلفاز وشريط مسجل، وشبكة الكترونية تمتد خطوطها في أنحاء العالم ، ومواقع خاصة بهذا ، وقنوات له كذلك ، فصار للأخبار من السحر والأثر والمكانة بين الناس وتسابقت المؤسسات الاعلامية في إعدادها، والتخصص بها، والتقارير من أجلها، والشاشات ثلاثية الأبعاد التي تجعل المشاهد كأنه يعيش وسط الحدث، والمؤثرات الخاصة، وسحر الإعلام ما يجعل المشاهد يتناول كل ما يسمع، ، وتكون متلهفة لعامل الإثارة الموجود في الأخبار ، من التتابع والتنوع والجلب من جميع أنحاء العالم، وقد أدرك أعداؤنا جيداهذه المهنة، وعملوا بها واحترفوها، واستعملوا في حرب المسلمين من أنواع المؤثرات والخدع والتضليل وفنون الاشاعة ما استعملوا، ومن ذلك الكذب في هذه الأخبار، حتى صارت لعبة لهم، وحرب دعائية يشنونها،في الظروف المناسبة في تحقيق اهدافهم المشبوهة .
وهنا صار لزاما على المؤسسة الاعلامية ان تعد الملاكات الاعلامية المتخصصة وتدريب وتأهيل القطاع الإعلامي اكاديميا وتدريبه على التقنيات الحديثة والأساليب الصحيحة والفنون التخصصية في إعداد الأخبار والتعامل مع المعلومات والتصدي والمواجهة لكل المصادر الغير موثوقة . للوصول الى الاهداف والغايات الصحيحة للارتقاء بمفهوم الإعلام وانتاجه الوطني.