18 ديسمبر، 2024 9:55 م

نقطة نظام : قانون التقاعد الموحد

نقطة نظام : قانون التقاعد الموحد

يقال ، والعهدة على الراوي ، أن الحكومة قد استجابت لمطلب المتظاهرين لإلغاء الرواتب التقاعدية الخيالية لأعضاء مجلس النواب ، وهو مطلب منطقي وشرعي وضروري . وجاءت هذه الاستجابة عندما أقر مجلس الوزراء مؤخرا مسودة قانون جديد يراعي حقوق الموظفين جميعا بالتساوي وبدون أية فوارق وامتيازات إبتداءا من رئيس الجمهورية نزولا لأصغر موظف . وفي حالة تشريع هذه القانون من قبل مجلس النواب ، ويأخذ طريقه إلى التنفيذ تكون العدالة قد تحققت بالفعل إلى حد ما في بلد ربما تكون العدالة فيه قد تضررت في الكثير من الأحيان . ولكن … يمكن تثبيت بعض الملاحظات المهمة هنا :
1- عدم شمول المخصصات التي يتقاضاها الموظف أثناء خدمته الوظيفية في معادلة احتساب الراتب التقاعدي . معنى ذلك أن يتم التغاضي عن امتيازات عديدة مثلا الشهادة والتخصص والخبرة المهنية والمستوى العلمي لعناوين وظيفية عديدة مثلا أستاذة الجامعات والأطباء والمهندسين والقضاة والمدرسين والمعلمين .. الخ من العناوين المهنية التي بنيت على أكتافهم كل متطلبات الرقي والتطور في المجتمع . فهل من العدالة أن يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟؟ 
2- لقد ألغت مسودة قانون التقاعد الموحد نصوصا مهمة لجملة من القوانين التي صدرت بعد نيسان 2003 ، خصوصا فيما يتعلق بالامتيازات الفلكية للمشمولين بها ، ولكن ثمة نصوص قانونية وردت في قوانين خاصة مثل قانون الخدمة الجامعية وقانون القضاة المشمولة بالإلغاء أيضا هي موجودة منذ عشرات السنين ، وهي قوانين تتعلق بشريحة مهمة في المجتمع لا يمكن أن ينظر لها بعين (الحسد) ونقول بأن استحقاقاتهم التقاعدية عالية ويجب إلغائها .
3-  قانون الخدمة الجامعية هو قانون ينظم مهام واستحقاقات أساتذة الجامعات وموظفي الخدمة الجامعية ، وهو قانون صادر منذ عام 1976 ، وقد جرت عليه عدة تعديلات خلال العقود المنصرمة ، كان أخرها نقض التعديل الثاني للقانون في آذار 2013 من قبل المحكمة الاتحادية . وتمت بعد ذلك أعادته إلى مجلس النواب ، وتمت قراءته مرتين ولكن لم يصوت عليه لحد الآن بسبب ظهور مسودة قانون التقاعد الموحد في مجلس الوزراء . الغريب في الأمر لم نلحظ اعتراضا لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إلغاء النص القانوني المتعلق بحقوق الأساتذة التقاعدية لدى طرحه للنقاش في مجلس الوزراء ، وهي الجهة المعنية بالمطلق بمسألة إعداد مشاريع القوانين الخاصة بالتعليم العالي في العراق . 
نستنتج من ذلك إن مسودة قانون التقاعد الموحد أبقت على امتيازات رئاستي الجمهورية والوزراء ، وألغت ما يتعلق بامتيازات رئاسة مجلس النواب وأعضائه .. وقد تكون اللعبة سياسية هنا ، تعزف على وتر التسقيط السياسي بين ممثلي الكتل البرلمانية في مجلس النواب والحكومة .. ولكن لماذا ضربت عرض الحائط مستحقات حملة الشهادات العليا والكوادر العلمية والمهنية المتخصصة .      إن مطالب الشعب كانت واضحة جدا بهذا الصدد ، لكنها جوبهت بعملية واضحة لخلط الأوراق ، وانتقائية سياسية مقصودة ، وربما صممت المسودة لكي ترفض من قبل مجلس النواب لكي يقال بأن الجهة الفلانية تتماشى مع مطلب الجماهير في حين ترفضها جهات أخرى .