18 ديسمبر، 2024 6:05 م

نقطة الصّفر أم البداية ؟

نقطة الصّفر أم البداية ؟

عنوان المقال مرتبط بجبهتين متعاكستين هما العملية السياسية في العراق والمشروع الوطني ، كل مانراه الآن هو إعادة تأهيل العملية السياسية وكما أسلفنا في أحاديثنا المرئية والمقروءة . الخطورة في هذه المسألة أن إعادة التأهيل يشترك فيه المؤثرين الإقليمي والدولي ، مع
التوجّه الى الداخل عبر سيناريوهات مُستحدثة مثلا تشكيل أحزاب شبابية مستقلة تشارك في الانتخابات لتزاحم القوى السياسية الحاكمة ومليشياتها داخل البرلمان هذا السيناريو في رأيي نقطة الصفر، لماذا؟ لأن العملية السياسية وصلت الى مرحلة اللاعودة مثلما كانت في
السابق ولهذا تحاول هذه القوى أن تتأهل من جديد وفق سياسة الاحتواء المُستَهدِف لقوى شبابية تتطلع الى التغيير المتدرج ومعهم فئة من الشباب الباحث عن مصالح شخصية. نقطة الصفر ليست في هؤلاء الشباب وإنما في بقاء تلك القوى السياسية الحاكمة أو المتنفذة
خارج إطار القانون لملفات تورطها في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي والاداري، القوى الشبابية الجديدة إن نجحوا في احتوائهم سيكونون ضمن محور تورطهم في نفس الملفات التي أشرت إليها. وهذا يعني أن الجبهة المقابلة لتلك القوى الحاكمة ستبدا نشاطها في
ساحات التظاهرات وتبدا من جديد دوّامة العنف الدموي. رُبّ سائل يسأل إذا كان مايجري الآن هو نقطة الصفر ومن ثم العودة الى بداية مابدأت حركة الاحتجاجات وثورة تشرين وهذا يعني مزيد من إراقة الدماء فهل من مخرج لما تطرح؟ وضعت هذا السؤال الافتراضي
كنتيجة منطقية لمن يقرأ. أقول أن العاملين الإقليمي والدولي لم ينجحا في تقديم النموذج الايجابي للشعب العراقي كسوابق وذكريات مؤلمة منها احتلال العراق 2003 وفق ماعُرف بتحرير العراق وكذلك التدخل الإقليمي من خلال الهيمنة الايرانية في القرارين السياسي
والاقتصادي بل والانتخابي أيضا وعليه فإن العامل الوطني هو نقطة البداية التي يُفترض أن يرتكز عليها المشروع الوطني. يؤسفني ويؤلمني كثيراً عندما استمع الى العراقيين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم أنهم يتحدثون بلغة الرؤية الامريكية ماذا ستفعل ادارة بايدن أو إيران
كيف سيكون موقفها دون أن نسمع منهم ماذا علينا نحن أبناء العراق أن نفعله ما هو موقفنا كيف ننظر الى الملف الفلاني وكيف سنتصرف ما هي بدائلنا. هذه هي النقطة الجوهرية التي يفتقدها الكثير من الأخوة العراقيين. لذلك نحن في الجبهة الوطنية للتغيير في
العراق طرحنا مبادرات كثيرة كلها ترتكز على مقدمات المشروع الوطني الذي ندعو إليه ومنه مسودة وثيقة العهد الوطني. سؤال أطرحه على نفسي ، هل لقينا تجاوبا ممن شاركناهم تلك المسوّدة ؟ للأسف لا وإنما مجرد أمنيات وإطراء يفتقران الى التفاعل. مثال على ما
أقول في شهر تشرين الثاني عام 2019 قدمنا مبادرة مجلس إدارة الدولة الى بعض الأخوة من التنسيقيات في ساحة التحرير ولم يبادروا الى مناقشتها والعمل على أهم النقاط الواردة فيها وكان شأنهم شأن القوى السياسية الحاكمة وصلوا فيما بعد الى نقطة الصّفر. المعادلة
الزمنية عندما لاتكون حاضرة في فكر الثوّار فان حركتهم ستفشل وهذا ماحدث فعلا. نحن لانريد لمن يتحدثون وقد صدّعوا رؤسنا في مواقع التواصل الاجتماعي عن المشروع الوطني ومعارضتهم للعملية السياسية لانريدهم أن يصلوا الى نقطة الصّفر. لذلك نقول هي نقطة
البداية ويجب أن تكون بداية مكملة لمن سبقونا في الحراك الوطني . هل يُعقل وهذا سؤال آخر أن أقول نقطة البداية بعد هذا الكم الهائل من التضحيات والمعاناة ؟ نعم نقطة البداية لأن المشروع الوطني يحتاج الى الجديّة والمثابرة والاستمرارية. لو توفرت هذه الركائز
الثلاث لكنّا في المنطقة الخضراء نعيد بناء الدولة العراقية . هل مازالت الفرصة مواتية ؟ نعم وهذا مانعمل عليه في الجبهة الوطنية للتغيير في العراق مع بعض المخلصين وإن كانوا قليلين لكنهم مؤثرين وفاعلين. أرجوا أن تكون رسالتي واضحة للباحثين عن وطن.