لم تعد مسالة التقشف الا كونها وسيلة تضاف الى وسائل هذه الوزارة او تلك في تبرير اخطائها او فشلها في تقديم الممكن للمواطن حتى وصل الامر الى الكتاب المدرسي ، الذي كانت تقدمه وزارة المعارف هدية العام الدراسي للطفل المقبل على الدراسة مطلع كل عام مهما كانت الظروف.
ولقد كنا مطلع الخمسينات ونحن اطفال نحلم بالجديد ليلة توزيع الكتب المدرسية الملونة والهادفة والمعباة بالمعاني الوطنية ، والمعلومات التي تسهل على الطالب الاستيعاب والفهم ، ولقد كانت اضافة الى العملية التربوية الصالحة وسيلة عظيمة لخلق علماء وقادة العراق الحديث ، واليوم ،وبعد كل الامكانيات التي اعطاها الله للعراق والتطور الذي اصاب العالم في حقول التربية والتعليم نجد ان الطفل العراقي يفترش الارض في الكثير من المدارس وتحت سقوف الابنية الطينية لهذه المدارس او لمدارس تفتقد نوافذها الموانع الزجاجية ليدخل الهواء البارد بكل حرية وشفافية ليشق جلود اطفال هذا البلد ويعرض اقدامهم للبرد المعيق للانتباه او التركيز ،بل وحتى المرض الاني او المزمن ، لا لشئ الا لانه بلد ابتلى بسياسيين وعلى مر كل العهود لا هم لهم سوى الانانية المطلقة وحب الذات وسرقة المال العام ، ولقد استبشر العراقيون الخير بعد السقوط ولكن خاب املهم وهم يرون الفاشل والامي يتصدر العمل الحكومي لينتقل بالبلد الموضوع رغم كل شئ غلى بداية سكة التقدم لينتقل به خطوة بعد خطوة الى الوراء ،حتى صار كتاب الطفل موضوعا للتقشف الناتج عن سرقة منظمة ومخططة ومقصودة للمال العام ، ويراد بكل هذا ان يبقى العراق سوقا لسلع تركيا وايران والكوبت والسعودية وقبل الحرب الاهلية سوريا ، وان تظل مدارسه طينية تعمل على تسرب الطلاب وان يظل نتيجة لذلك متخلفا بلا عقول ولا قادة لمستقبله، وقد شمل التقشف كل شئ يهم المواطن ابتداءا من البطاقة التموينية مرورا بالشوارع المبروشة على يد علوشة كما كتب احد الاخوة الكتاب وصولا الى صنبور الماء في المدارس الابتدائية الا نفقات السادة المسؤولين والسادة نواب رئيس الجمهورية ورواتبهم ،فهذه لا تشكل عبئا على الميزانية ، والله عيب على المحكمة الاتحادية والله عيب على رئيس الجمهورية ونوابه ، والله عيب على كل مسؤول عمل بعد السقوط على تخريب هذا الوطن ، والله عيب وهذه المعادلة قائمة على عراق بلا كتب مدرسية + مدارس طينية =3 نواب لرئيس الجمهورية…