لمناسبة الذكرى السنوية السابعة لوفاة المناضل الكبير عيسى عمران رحيم* المصادف 14 تموز 2012
وقفتُ بالأصيل
مُطلِقُ البصرْ
على مدى السلمان
وقد ورَّى منزلآ ناءٍ ,
نقرةً ,
ما لمعت فوقها نجمة خير
يفرَّ تحتها ساربٌ يوما
دون ان يحتضر ,
ومزارا بلا كراجات وعربات
وباعة يتجولون
للنائحين والنائحات
على القبور
والحفر ,
أستعيد الحديث
عن رحلة الدهر الطويل
في نفقٍ
سفَّ الصراخ بالعويل ,
بلا ضوء ,
تبصره عين البشر ,
وعن الجدير من الشباب
والأجدرْ ,
أجهر بجرحٍ
وانعى الورد
وما حلَّ بالزهر النضر ,
يانقرة ..
ياذاتَ المدى المكروه
من الأرض
غلبت به خطايا البشر
يا وَسْمَ البلايا السود
في كنه الحجرْ ..
ياموضعَ المنايا , بلا رأفة
كانت تحوم
بنَات بَرْحٍ
تُغيّب الفاخر من فتياننا
والمفتخرْ ,
حينا بلا إزارٍ , وحينآ
بلا كفنْ ,
كم اخفيت عدلا
خلف القيود
ورميت المفاتيح , وتعجلتِ أرواحآ
جافلة السيرِ
في قيظ الفلاةِ
وغبار الكون
يَسيح فوقها , عُريانة
لا تستترْ ؟!
آن الآوان أن نتكلم
عن لعنةٍ
محاها الله
وغدت بآثارها
سَقرْ .
وقفتُ ..
حتى بدا الليل
على الكثبان
بالظلمة يتفجّر
لا أبكِ على حجرٍ
شهد الباكيات
إبان الرزء والضّرْ , أصمْ
أو أسىً الرمال
وإنعدام الشجر
تحت شمس
أو قمرْ ,
أو على الربايا العاريات
بصفرة أغصان
نهشتها الرياح
بأنياب الزمنْ ,
وغدت أثر
ولا على جلادين
أجترّوا الأفكَ
والشَّتِمْ ,
وجال في قلوبهم
الشر
بأهوالٍ
ونِقَمْ ,
بل على مخالب الزنازين
لما نَصَلتْ وطغت
وأراقت خلف المزاليق
دماء الرَّيِّقِ
من الشباب
في أتون صحراء
أضلّت الصقور ,
وعالم ظل خياله
بالرؤوس أعوامآ
مرتهنْ ,
وجرّدت
“عيسى بن عمران
أخآ لي
من ليلة عرسه
وألقت به
جوف الظُلَمْ ,
وصديقه عبد الحسين خليفة ”
وكلُ من قال : لا
بوجه الطغاة
وسعِ الشَدقِ
والفمْ ؟!
*********
وقفت على مداكِ
يا نقرة الغربان
وجوف الروع
والزجر ,
أسمع صرير الرياح
على الأحجار
وصراخ عيسى
في حجرة الحبس المنفرد
حين يربض السجان
على كهف الرئتين
يرتقب الجواب
فيخمد الصدر بالنفي
وينفجر ,
وكثبان الرمال , هامدةً
بلا فحيح
أستجمع الذكرى
وفي عنقي عهدٌ
أنِقتُ به ,
هَرِمْ
ابوح بما فعلوا به ..
يومَ أتوا اليه
يعتقلوه ,
زبرقانٌ بالشباب ,
كَيلٌ من الفضّةٍ
معصوب العيون , ما تناثر
ضوءه تحت لكأِ السياط
ونقّر الخدود ,
مُكمَّمْ .
********
وقفتُ على مداكِ
أفكُ رَهناً
عن عاتقي
غدا عذابا
أسردُ عن كرب مناضل , وألعنْ
جَمع الضالعينَ بحملهِ
في مطالع النجوم
يلوّحون بالبنادق , كالقرود
يتقافزون على كُثب الرمال
يلكثون
ويركلون
وينادون بالكافور
على القبور
ويطلقون الرصاص
كِذّابا وجُبنْ .
********
وقفت على مداكِ
يا حِصناً بناه الرعاديد
من هائلِ الصخور
في هائل من الأفق
بين صفير أشراك البزاة
و قرقعة السحاب
وظلمة صحراء
قَفَرْ .
يامقلع المآسي
ومرآب الهوان
وحفرة الموت
وأنين القهرْ ,
يالجامآ لئيم
عوى به الطغاة
بوأد من يفتح للنور نافذةً ,
يطلق البصرْ ,
وتهدد من يحتج
على عنس الفقر
والتجبّر
بقصم الظَهرْ .
********
وقفت ولم املكُ
غير الهامةِ
ومنهما الكُبْرُ , صغيرا
الِقْتُ بما ذقتُ
من رفقتهِ
أقتو بالنهار مَحلهُ
ومن السُّوقةِ
أدرأ قرين السوءِ ,
وزاعم الخيرِ
ومن بالشرِ
يزأرْ .
وكان خير معلمٍ ,
ودرسِ
أحفظ منه
مايقول وأذكر ,
كفيلٌ
حتى مالت شمسه
الى مغيب مجد
غير مندرس ,
مريضٌ
دَنِفٌ
كنوفٌ من الالمِ
ينكأه الطبيب
فيبتسمْ
حتى أرزَمت تأريخهُ , حُليٌ
حمرٌ
وصفرٌ
تشيّعه غنيآ بالبرِّ
منتصرْ ,
الى مُؤْقٍ من الأرض , بقيةٌ
ما صدّت عن الخلدِ
خوفآ من نهيق البغاة
ولا من رهبة قبرٍ
أو كفنٍ مخضّب
بالدمِ
أحمرْ .
*أخي وأبن عمي وقد أمضى ثمان سنوات في نقرة السلمان مناضلأ في الحزب الشيوعي العراقي مع صديقه عبد الحسين خليفة ومئات آخرين .
25 مايس 2019