18 ديسمبر، 2024 7:54 م

نقد الهذيان “الشعري”

نقد الهذيان “الشعري”

إن كنتَ اعترضت على “القط الذي يطير برجليه” ، وهي صورة وصفية صحيحة إذ إنني رأيت قطا في زقاقنا قفز من سور جيراننا الى سور يبعد عنه امتارا قاطعا المسافة في الهواء وما رأيت له أجنحة يطير بها ، فلا شك إنه يطير برجليه ،خطأ الناظمة انها اغفلت يديه وهذا ضعف صورتها الشعرية ، وكل ابن آدم خطّاء ،،،،،،،،،
فما اعتراضك على البحر الذي يجلس القرفصاء ، وماالعيب في ذلك، البحر مذكر وجلوس الذكر القرفصاء لافحش فيه ولامانع بدنيا له ، كما انني لا ادري انت كمعترض كيف تريد البحر أن يجلس وهو ماهو من امتلاء الماء وتلاطم الأمواج ، أنا لا ارى وجها في ان يجلس البحر جلسة الإقعاء او جلسة التربع ،
ثم يا أخي ،، كل شخص يجلس (على الجنب الذي يريحه) ،فما لك والبحر ان كان يحب هذه الجلسة ويأنس بها ، انت تلوم المراة ان قالت انها رات البحر يجلس القرفصاء ، صدقني اذن ان قلت لك اني رايت البحر يوما يمشي الإحتباء ولكن فرقي عن أختنا هذه انني خجلت أن أخبر احدا فسترني الله لاني سترت البحر ، والله يحب الستارين ،
الذين يظنون ان هؤلاء النسوة يقلن اشياء غريبة فانني رأيت نسوة يقلن أدهى من ذلك ، بل ورايت رجالا يقولون أجمل من هذا ،
اسمع هذا النص لشاعر حداثي اسمه فائز الحداد ، وعنوانه:

دولار الحب !؟
تتأرجح قصيدتي المراوغة.. كامرأة طفولتها من شوك
استقرئُ روحها بـ ” قبعة الأفعى ” كلما مرَّ هجين حرفها ساربا
ليبكي جناحها بدم باردٍ
أدريها بلهاء.. لفافة شعر ، تئن تحتَ أنواتها خرائبي..
كالرسوم المتداخلة، كصنوف ألعاب الحصى، كأبراج الميسر ..
ولها صحبة قتلى بجسدي وشاعر رهين..!
هواجسها رياحٌ هزيلة..كتاريخ أهمله الفاتحون..
امرأة، تعيث بسكينها كلما تجرح يدها .. فشأنها الجراحُ!!
حادثية النوايا.. ذبحت ماضيها بالتراوغ المتقنِ ،
وفي لجّةِ تخارجها الكئيب أناطت الأبوام شؤمَ اختلاجها
أحيانا تستنهض فكرة غادرتها بحلم موؤد ،
وكحقيقة ضائعة تستمرئ البرهنة..
على أن دماء بلابلها أكثر إشراقا من خيالها المحترق ..
تستهويها الظاهرة في ظلام المرايا، وتغريها البهرجة بهاجس الغرور ..
فالطفل الذي ودعتّه بصدرها يوماً.. فضضت قلبه غيوم الرواحل
وشاب أريجه على شباكها القديم؛
لكنها تتكاذبُ باعتبار الشك ومباراة الحب..
وأدري لا يستدير الرحيق نحوها بعدي، فعطري اتهام يلاحقها في الزوايا!!
وفي أتون بلائها جسدي المميت
وحين زاغت كفكرة عديمة اللون، تهاوت حروفها بلا ضمير حبر
فارتمت كسلعة حب مباعة لحوائج الغوى..بدولار الحب !؟
.. كإنها نيزكٌ أشعل البروق فوق سفحٍ خائن
آآآآآآآآهٍ ..
كم ترافعت بشأن هواها الرائج، كم رفعتها ونزهّت غمامها ،
وكم شذبّت ريح عصمتها من بلل الدبق..
وبالهوان انزلقت كقاربٍ ثمل بموجة غادرة
هي قصيدتي,,
مهما تقدحُني الهمساتُ المغريةُ.. ويهزُ شأني الكأسُ بالجوى
ومهما تصرّفني بنوكُ الدم كمياه الصرفِ ، و يتجددُ شريانُ العشق ..
تبقى رئتي راعشةً بخناقَِ برد الخوفِ..
لا ترممَ يقيني بالعشق، ولن يتنفس الدفءُ بدمي
رغم أني قد راهنتُ عليها كفرسِ قلب.. فخذلتني بهبائها!!؟
انتهت .
ومن تفاصيل قراءتها اكتشفت صور اجمل من صورة القط الطائر والبحر الجالس قرفصاء، منها :

“كإنها نيزكٌ أشعل البروق فوق سفحٍ خائن”
انظر الى السفح الخائن العميل ,,
و
“استقرئُ روحها بـ ” قبعة الأفعى ” كلما مرَّ هجين حرفها ساربا
ليبكي جناحها بدم باردٍ”
انظر استقراء الروح بقبعة أفعى ومرور هجين الحرف ساربا والبكاء بدم بارد”
و
“تستهويها الظاهرة في ظلام المرايا، وتغريها البهرجة بهاجس الغرور”
انظر ظلام المرايا والبهرجة بهاجس الغرور ،،
و
“باعتبار الشك ومباراة الحب.”
و
“تبقى رئتي راعشةً بخناقَِ برد الخوفِ”
و
“بلل الدبق” ، “فرس قلب” ، “غيوم الرواحل”
ومازاد النص جمالا هو التعليق النقدي لاحدهم و قد ارفقه الناظم مع النص ، يقول فيه “الناقد” :
“هذا مثير نقلت النص برمته الى فضاء جديد المعنى واللفظ والدلالة والاداة كل شيء في هذا التشكيل فرانكشتايني وفرانشتاين عالم جليل اعتزل في مختبره ليبث الروح في جثة اشلاء بشرية جمعها وخاطها لتؤلف جسدا كاملا ثم صعقها بالكهرباء فدبت فيه الروح … فائز الحداد فرانكشتاين النص الحداثي يفعل كما فعل فرانكشتاين … هو مثله تماما خلق مخلوقا ذا قدرات هائله لكنه بلا جمال كان مسخا نفر فرانكشتاين من صنيعته لقبحه بيد ان الحداد أحب صنيعته على كل ما فيه من تشوهات … المرأة … القصيدة … القائمة على التنافر والتغاير والانزياح أحبها الحداد فهو إذن فرانشتايني بطريقة الخلق وبيجماليوني بك بطريقة الحب … دولار الحب في قبعة الافعى أعني ….” انتهى
فإذن عزيزي المتلقي وزميلي المختص ،والمقارن بين نص القط الطائر والبحر الجالس وقبعة الافعى ، تبين عندك جليا ان هناك بعض التحيز والقصور في التحكيم النقدي و آلية منح الجوائز ، والا فلماذا تفوز مراة القط الطائر وتفوز امراة البحر الجالس القرفصاء ، بينما لايفوز رجل “قبعة الافعى” بينما الامر واضح لكل ذي عينين ان صورة افعى فخورة وغنية ترتدي قبعة اغرب كثيرا واجمل من قط مبتذل يطير برجليه او بحر كسول يجلس القرفصاء ،فانا ارشح صاحب النص الثالث كأمير للشعراء .
_من تجربة النقد الحداثوي_