7 مارس، 2024 1:16 ص
Search
Close this search box.

نقد النصوص الهزيلة ،،(9) ركاكة و تفكك في مرثية أرثـيـهِ أمْ أبـكـيْ الـفـراقَ مُكـابــدا ،،،، والكـونُ مـفـجـوعًا يُـودّعُ خـالـدا

Facebook
Twitter
LinkedIn

ارثيه ام ابكي الفراق ! ( مالداعي ل ام) و ما التقابل بينهما او التضاد لنضع ام ، انما ارثيه هي نفسها ابكي الفراق ، و مالرثاء الا بكاء على عزيز فارقنا ، و”خالد” اسم المرثي.

عَرَضَتْ لهُ الـدنـيـا بـزهـوِ بريقِها ،،،، وَهْوَ ارتدى ثوبَ الـمـنـيّـةِ زاهـدا

لو قال (قد) -بكل بساطة- لكفته عن الضمير المنفصل الذي بدا ناشزا هنا و محشوا كما انه مكرر عن (له) ،فتكون [وقد ارتدى،،،] وكيف ارتدى ثوب المنية زاهدا ! لا رابط بين ارتداء ثوب المنية و هذا ( اولا لايكون فعلا اراديا) فهو لم يصفه بان ارتدى [ثوب الشهادة] مثلا ، و لو كان شاعرا له اقل تمكن من اللفظ لوضع [الشهادة] و هي نفس التفعيلة و قريبة لكل منشيء و كذا تؤدي معنى اصح و اعمق في سياقها هنا و يبلغ مراده.
كما ان الزهد كما قدمنا ليس له اي شان بالمنية و ارتداء ثوبها , فلو كانت [وقد ارتدى ثوب التقشف زاهدا] لكان مقابلا لزهو الدنيا الذي عرض عليه و لوصل الشاعر مبتغاه.

نَـسَجَـتْ لهُ الأخـلاقُ ثوبَ علائِها ،،،، واختارَ عـلـيـاءَ الجِـنانِ مـقـاصدا
نسجت له الاخلاق ثوب علائها جميل ، ثم (و اختار علياء الجنان) التجنيس الناقص او الحزئي الجميل هنا (بين علاء و علياء) لاقيمة له حيث المعنى مفكك غير متسق ، فمرة اخرى لانجد توافقا او اي سبب بديعي او بياني او مجازي يربط بين المعنيين في الشطرين ، لماذا اختار علياء الجنان بعد ان نسجت له الاخلاق ثوب علائها ، لا ندري ، فهو لم يختر شيئا بالضد مما عرض عليه.

فـلـوجـةَ الـحـبِّ الـنـقـيِّ وصفوِهِ ،،،، ما كانَ قلبُكِ فيْ المواجـدِ جـاحـدا

النقي هو الصافي فكثرت الالفاظ وقلت المعاني وهذا تماما ضد البلاغة و من قصور البيان ، القلب للمدينة درجناه في باب التشخيص و لا بأس (كعيون القمر) و (لسان الارض) ، ولكن مالم نفهمه في سياقه هو “المواجد ” ماهي وكيف يكون فيها القلب جاحدا ،

أمّ المـسـاجـدِ قـدْ غَدَوتِ كـئـيـبـةً ،،،، فـكـأنّـمـا سَلَبَ الجُـنـاةُ مـسـاجـدا

( ام المساجد قد غدوت كئيبة ) لو قال سليبة لكان اجدى و اقرب و اكثر انسجاما بل و تجنيسا مع العجز (فكانما سلب الجناة ،،، ) وكذلك مناسبة الحدث ، أي انها قد نكبت بفقد المرثي و هذا أجدى ، ثم هذه الركاكة في (سلب الجناة مساجدا) لو قال هدم لكان اصح ، فهم جناة و ليس”سلابة” ، ثم كيف تسلب المساجد ! وكذلك يشوب البيت تنكير المساجد وهو من ضعف الشعراء اذ ياتون بالتنكير في موضع هو للتكثير بالمعرفة احوج .

هلْ زارَ عينيكِ الكرى ونَسِيتِ مَنْ،،،، سَهِرَ اللياليْ عَنْ جـفـونِـكِ ذائـدا

هذا هو الذي يسميه النقاد (الحشو) ويقول عنه المتذوقون “ماذا يريد” ، فالكلمات محشورات لإقامة وزن و لإعطاء شعور ان اللوم متسق بين جانبي البيت (الكرى) (سهر) هل زار عينيك ويقصد عندما نمت بطمأنينة نكرت فضل من سهر الليالي من اجلك وهذا و ان كان معنى مستهلك فهو ايضا ركيك الصياغة من جهة “عن جفونك” ذائدا ، فلماذا يذود عن الجفون وليس عنها كلها ، ولو سلمنا انه اراد التقابل بين النوم ورموزه فلم ليس عيونك، كان الاجدى لشاعر وهو يصف الذود عن مدينة ان يقول [ثغورك] [حصونك] او مايدل على ذلك ،اما جفونك المنسلخة عن عيونك فهي للذود عن المراة الحبيبة ، معنى اقرب للرومانسية منه للحماسة . ثم هذا البيت يتضمن ذم للمدينة التي امتدحها قبل قليل او اشتكى من حالها .
عـيـناكِ كيفَ تـنـامُ لـيـلَ رحـيـلِهِ ،،،، وَهْوَ الذي هَجَرَ المضاجعَ ساهدا

هذا البيت هو الذي يعبر عما اراده الشاعر في البيت السابق وكان يمكن ان يكتفي به ، ولكنه اصبح بيتا سمجا مكرر المعنى عما سبقه رغم جماله ، فأساء للبيتين.

كيفَ ارتضيتِ فِـراقَـهُ وَهْـوَ الذي ،،،، حَمَلَ المواجعَ في هـواكِ مجاهدا
ولو ان المدينة لم ترتض فراقه الا انه بيت عتاب لا باس به ويصح في المخاطبة التعجبية او الاستنكارية و ان كانت مجازا

يلقاكِ إذ تصحـو جِـرَاحُـكِ بَلْسَمًا ،،،، وأخًا بهمّكِ إنْ هَـمَـمْـتِ ووالـدا

“تصحو جراحك” لا موجب له هنا ، نعم جراحك لها مع العجز “بلسما” وشيجة ولكن “تصحو” لا معنى لها في سياقها ، فلاحاجة ان تصحو فهي جراح بائنة وهو بلسم لها، و”يلقاك” ايضا اضعفت البيت . اما العجز بجناسه “يهمك” “وهممت” وترادفه “اخا ووالدا” فهو جميل ناجح.

كمْ أَلْهَبَ الساحاتِ سيفُ صمودِهِ ،،،، وفـواجعُ الـغـازيـنَ كُنَّ شواهـدا

“سيف صموده” هذا تركيب متعسف ، مالرابط بين السيف والصمود ، الصمود يكون بالدرع والهجوم بالسيف ، الا ان تأولنا ذلك و قبلناه على المجاز لعلاقة له بالغازين في العجز ، وتظل قضية الصمود اقل اثرا من الكر والاقتحام.

مُتَوَشِّحًا نُـبْـلَ الطـباعِ ولمْ يَـلِـنْ ،،،، مُـتَحَـدِّيًا ريـحَ الـنـفـاقِ مـعـانـدا

البيت جميل فالوصف بإسمي الفاعل الخماسيين المنصوبين “متوشحا” و “متحديا” امدّا البيت بحماسة ، والحق ان التوشح في الصدر جاء ملائما تماما ل”نبل الطباع” و التحدي في العجز اتى مقابلا له كما ناسب كثيرا “ريح النفاق” والختام ب “معاندا” من احسن مايكون ، ولعل هذا افضل بيت في القصيدة التي تخلو تقريبا من اقران له و امثال.

فـلـوجـةَ الـشـهـداءِ عذرًا إنْ أنا ،،،، أوجعتُ قـلـبَـكِ بالملامـةِ قـاصدا

وهذا البيت الخطابي جميل ايضا ولكن مكانه فيما سبق عندما عاتب المدينة ب “كيف ارتضيت ،،” و مابعده.

لا تغـضبـي منّي فـمـقـتـلُ خـالـدٍ ،،،، نارٌ تُـسعِّـرُ في الضلوعِ مـواقـدا
أدريْ بـأنّـكِ تُـضمريـنَ تـوجّـعًا ،،،، والدمعُ أبصرُهُ بجـفـنـِكِ شـاهـدا

ايضا البيت جميل ولكن لماذا “تضمرين” وليس “تحملين” مثلا ، اضمار الحزن و التوجع على فقيد ضحى بنفسه من اجلها غير محمود بل الاجدى اظهاره والتفجع و العويل والدمع المنهمر .

لـكـنَّ صبرَكِ قدْ يـزيـدُ نـزيـفَـنـا ،،،، طـَمِعَ الـلـئـيمُ بهِ فـزادَ مـفـاسـدا

البيت ركيك بسبب تنكير”مفاسدا” اضطرارا لاقامة الوزن ، و النكرة تشعر بالتقليل او الاهمال و هذا مالم يرده الشاع او مالايجب ان يريده في هذا الموضع

كمْ كوكبٍ سَـرَقَ الـلـئـامُ ضياءَهُ ،،، سَكَنَ الثرى بعدَ التوهّجِ هـامـدا

بالنظر ل “سكن الثرى” في العجز كانت [دفن اللئام] ستكون اصح من “سرق” و الشاعر كما هو ظاهر فقير المفردات ضعيف في اختيارها ، فنراه يفزع الى اقل الالفاظ اثرا واكثرها استعمالا ، فالشعراء الكبار -لو تتبعت نتاجهم- لوجدتهم ينوعون الالفاظ ويضعون كل لفظ بموضعه من التاثير و موافقته للمعنى المراد ، و ينأون بأنفسهم عن الدارج من الفاظ المبتدئين ، للغاية التي يجعلونك لاتنسى البيت الذي صاغوه و ان كان بسيط المعنى و مألوفه.

يا خالـدُ الأحزانُ تسحقُ صبرَنا ،،،، فَـقَـدَ العراقُ مِنَ الفوارسِ قائدا

العجز صحيح و النداء المرفوع جميل و لو قال “تهزم صبرنا” لكان اوقع على النفس ف “تسحق” مرة اخرى لفظة حادة و كثيرة الاستخدام من دعاة الحداثة.

أرثـيـكَ أمْ أرثـي المآثـرَ والعلا ،،،، َخسِرَتْـكَ ساحاتُ البطولةِ رائـدا

ارثي “المآثر” او [العلا] او [الشجاعة] او ماشابه ذلك في معرض ذكر المرثي هي جمل شعرية استهلكت الى الحد الذي بات المرور عليها لايُشعر ، فاز بها من قالها اولا من الشعراء ثم صارت ك “وجهك مثل البدر” و “شعرك مثل الليل” يبتعد عنها اصحاب الطبقات من الشعراء لئلا تزري بمكانتهم وقصائدهم .

جابهتَ كـفَّ الـعـاديـاتِ تـجـلّـدًا ،،،، وَوَثَبْتَ في وجهِ المخاطرِ ماردا

جميل البيت من حيث المعنى ، لكن مرة جديدة يعجز الشاعر ان ينتقي اللفظة الاكثر تأثيرا فلم يقل “صارعت” بدلا من “جابهت” فالمجابهة تكون عامة شاملة ورمزية معنوية اكثر مما هي موضعية مادية سيما و ان المفعول به الذي جابهه الفاعل المرثي هو “الكف” فلو قال [جابهت سيل العاديات] لا باس ، ولكن “كف” لوحدها يناسبها [المصارعة] ويكون كناية عن “المجابهة” الاشمل التي ارادها وسيحتج بها علينا ان جادلنا.

وَعَشِقْتَ كأسَ الموتِ تطلبُ وردَهُ ،،،، فـانعَـمْ بـجـنّـاتٍ يَـطِـبْـنَ مـواردا
بشراكَ خالدُ فالجـنانُ تعـطّـرتْ ،،،، تشتاقُ مَنْ طَلَبَ الشهادةَ عابدا

جميل وتمهيد صحيح لختام القصيدة الذي ارجو ان يكون اكثر توفيقا من مطلعها الركيك.

مِنْ نورِ سفـرِكَ أستعيرُ عبارتي ،،،، لأرصِّعَ الـتـأريـخَ منكَ قـصائـدا

جميل ايضا والتصاعد مازال ناجحا متدرجا يزداد في شد السامع نحو الختام

فَـتَـشِـعُّ مِنْ وجهِ القصائدِ أنجـمٌ ،،،، تـزدانُ في جيدِ الفـخـارِ قـلائـدا

لا مندوحة من امتداح بيت الخاتمة فقد احسن فيه ، لكن “من وجه القصائد” لو كانت [من بين القصائد] لكانت اصح فموضوعة “انجم تشع” صحيحة وملفتة و لكنها لاتكون من الوجه بل بين كل القصائد ، “الوجه” تبدو كانها محشورة لاضفاء بهاء للقصيدة ولكنها اخفقت بسبب “الانجم الكثيرة” و “الوجه” الواحد و “القصائد” الجمع ، و لكن جبره بالعجز كان جميلا دون شك ف”جيد الفخر” او الفخار “تزدان” و “قلائدا” كلها تعبيرات وصور شعرية جميلة.
رحم الله المرثي وحفظ الله الراثي
القصيدة للشاعر العراقي محمد نصيف في رثاء احد رجال الفلوجة من مقاومي الاحتلال الامريكي ، و هذا مايشفع لها ويعزز من نقاطها ، ولابد من الاشارة الى ان الشاعر نصوص جيدة في غير هذا الغرض .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب