عُقدت عدة مؤتمرات في مبادرات لشخصيات من المعارضة ومن غير المعارضة من أكاديميين آخرين, وكانت السمة والشعار البارز والعنوان الأهم لتلك المؤتمرات ومبادراتها هو العنوان الوطني أو عنوان موطني. ويشعر المرء بتفاؤل كبير حين يرى أن المشاريع الوطنية بدأت تكون العقلية الثقافية للطبقة الواعية من أبناء العراق ولربما سيتأثر بها من دونهم من المغرر بهم ممن ركب موجة الطائفية وجعل منها قانوناً تدار به الدولة ويُتحكم من خلالها بمؤسسات البلد وتُسرق ثرواته بإسم المذهب والعرق والطائفة. هذه المبادرات سواء وجدت في خارج العراق أو داخله أو حتى من ضمن مشاريع العملية السياسية كدعوى إنشاء كتلة وطنية عابر للطائفية, الملاحظ فيها أنها لا تستوعب مشروع وطني شمولي, فمثلاً البعض من المبادرات تأخذ فقط زاوية مهنية وفنية في إدارة الدولة وكأن جميع مشاكل العراق تنحصر في الجانب الإداري الاقتصادي وسياسات الكتل وتعاملها مع هذه الملفات متغاضياً عن دور التدخلات الخارجية والقضاء المسيس والاضطهاد الذي يتعرض له تيارات كثيرة من أبناء الشعب من تصفيات واعتقالات, فيما تعالج مبادرات أخرى جانب الطائفية والقضاء وينصب اهتمامها حول مظلومية طوائف من العراقيين , وفي الواقع إن كلا الجانبين يشكل مشروع تكاملي كبير, وما ينقص هذه المشروع هو تلك الآصرة التي تُربط فيها جميع المشاريع الوطنية ولنقل بصراحة إن أي إنعزالية من قبل أصحاب المشاريع الوطنية وأي تشكيك في وطنية الآخرين ومحاولة التعتيم والتكتيم وتهميش الآخر فهذا يعني أن صاحب المبادرة لازال يعيش عقلية المؤامرة وروح المؤامرة وهو يتآمر على الوطنيين الذين يدعي أنه منهم.ولكي نفهم من هو صاحب المبادرة الوطنية الحقيقية يجب أن نفهم أن أي مشروع وطني هو مشروع تضحية وليس مشروع كسب,
فالمشروع الوطني الحقيقي الغاية منه إقامة حكومة تحترم حقوق الإنسان وتحقق العدالة الاجتماعية ويقودها الأكفاء والمهنيون ويسودها قانون عادل ومؤسسات قضائية نزيهة, وهذه هي الدولة التي يشعر الفرد فيها بالأمن والاستقرار فيتحرر عقله من التبعية التي كانت ظواهر الخوف والرعب والحاجة تحيطه فيها.ومن المؤكد أن صاحب المشروع الوطني سوف لن يقبض ثمناً تجاه ما قدم ولن تكون له حصة في وزارة أو وارد من مؤسسة من مؤسسات الدولة باعتبار أن المشروع الوطني غايته المواطن وأفراد الشعب,ولكن ما يعين مركزه من بين أبناء شعبه مكانته الواقعية واستمرار إبداعه فيما بعد . وهذه هي التضحية الحقيقية ,وحتى نكون أكثر دقة نقول هذا هو مشروع المرجع العراقي الصرخي الحسني حين يطالب بعفو عام وحل الحكومة والبرلمان وإقامة حكومة إنقاذ مدنية تقوم على الكفاءة والمهنية برعاية أممية وإبعاد التدخلات الخارجية وإنهاء سيطرة المؤسسة الكهنوتية على ثروات المراقد وتسخيرها للطائفية وجعل ما ينتج من إيرادات هذه المشاهد المشرفة بيد الدولة وبإشراف مؤسساتها الإعلامية والاجتماعية.نعم هذا هو المشروع الوطني الحقيقي الذي لم ولن يقبض المرجع العراقي العربي الصرخي الحسني عليه ثمناً. وأعتقد وبصراحة القول إن أي مبادرة خارجية كانت أو داخلية لم تأخذ بنظر الاعتبار دور المرجع العراقي الصرخي الحسني في كسر صنم المذهبية الطائفية وإشاعة روح التسامح والمواطنة ومقدار ما قدمه من تضحيات حفاظاً على وحدة أبناء البلد, وحجم المشروع الذي يمتلكه المرجع ببعده العلمي التأريخي في إماتة روح الطائفية وإحياء روح الإخوة الإسلامية بل إحياء روح الإخوة الإنسانية لإنضاج مشروع وطني حقيقي يعتمد قاعدة صلبة في الإخاء والتسالم . أقول كل من يعتم عن مشروع المرجع الصرخي من أصحاب المشاريع التي تدعي الوطنية فأنه لازالت روح المؤامرة في داخله لأن بناء البلد يقتضي تعاون الجميع تحت خيمة واحدة .