اكتبُ عنها ، ولستُ ادري – تحديداً – أين هي الآن : هل لازالت خارج العراق ، أم عادتْ اليه ؟ وان كانت قد عادتْ ، وهو ما اتمناه ، فاين هي : في بغداد ، في النجف ، في أربيل ؟ اكثر من سؤال ، مقترن بالاعتزاز ، عن السيدة الفاضلة (أُم مصعب) .
ومع هذه الاسئلة ، وغيرها كثير ، دعونا نقرأ سطوراً قليلة في سيرة الأديبة والكاتبة أمل الشرقي .
نجفية بغدادية
رغم انها من عائلة نجفية ، الا ان ولادتها كانت في بغداد . كان ذلك عام 1941 . والدها الشاعر والوزير والقاضي المعروف علي الشرقي ، الذي عاصر السنوات الاخيرة من الحكم العثماني للعراق وما تلاه . حيث ولد عام 1892 ، وانتقل الى جوار ربه عام 1964 .
كاتبة ومترجمة
تخرجتْ في قسم اللغة الانكليزية بكلية الآداب / جامعة مغداد . ومارست التدريس في الثانويات ، ثم نُقلتْ الى مجلة (ألف باء) محررة وكاتبة ومترجمة . وعملتْ في جريدة (الجمهورية) ، وأشرفتْ على ملحقها الثقافي .
ومن خلال العمل بالثقافة والاعلام ، إلتقيتُ الكاتبة أمل الشرقي . عام 1979 ، تقرر تعيينها مديراً عاماً لدار ثقافة الاطفال ، بينما تم تعيني مديراً عاماً للدار الوطنية للنشر والتوزيع والاعلان . وهي الشركة الحكومية المسؤولة عن توزيع (المطبوعات ، الصحف خاصة ، داخل وخارج العراق) .
ومن خلال هذه المسؤولية ، قامت بيننا علاقات عمل مبنية على الثقة والاحترام المتبادل .
خارج الوظيفة
وتقاعدتْ (ام مصعب) من الوظيفة . وتمت إحالتي على التقاعد من من وظيفتي بامانة بغداد . واستفاقت لدي – مجدداً – فكرة العمل الثقافي المشترك مع هذه السيدة الفاضلة . زرتها في مكتبها (الشمس) قريباً من ساحة الواثق . كان ذلك في تموز عام 1991 . وكان هدفي من الزيارة استطلاع رأيها بفكرة عمل مشترك في الميدان الثقافي . وطرحتُ المقترح عليها وخلاصته : تاسيس مكتبة تتولى تسويق المطبوعات (الكتب خاصة) . وحددنا مكانها ، لاعتبارات التسويق : في الساحة الموجودة قريباً من التقاطع عند مدخل جامعة بغداد . على أن يكون الطلب الموجه لامانة بغداد ، لاستحصال الموافقة ، باسمها .
استمعتْ أمل الشرقي الى الكثير مما قلتُه ، وقالت هي القليل . يومها افصحت (أم مصعب) عن نيتها السفر لخارج العراق والاقامة هناك . في عرضي للمقترح الذي حملتُهُ ، قدمتُ للسيدة أمل ما أسميتُهُ (نقاط حديث). لكن قرار السفر والاقامة خارج العراق ، كانت قد اتخذتْهُ ، مما جعل الآذان تُوصد أمام تفصيل قدمتُهُ .
وفي جريدة يومية بغدادية كتبتُ بتاريخ (28/7/1991) ، عموداً تحت عنوان : رافدٌ آخر لنهر الترجمة ، جاء فيه : في نهر الترجمة يصب الآن رافد جديد ، عِبْرَ إصدارات (روايات الشمس) . ومرة واحدة استلمت ثلاث روايات مترجمة من الأديبة السيدة (أمل الشرقي) صاحبة مشروع روايات الشمس وابرز المترجمين فيه . وعبر معلومات تجمعت لدي ، استنتجتُ ان (روايات الشمس) نافذة مضافة ينتشر منها وعبرها ، عطرُ الادب العالمي . وصاحبة المشروع محملة بالطموح ، رغم ان امكانيات التنفيذ تضع (الطموح) في قفص (الممكن) !! .
وافترقنا : قبل الاحتلال غادرتْ (أمل) العراقَ واستقرتْ في الاردن .. وتابعتُ بعض ما كانت تكتبه ..
وتألمتُ ، كما تألم الكثيرون ممن يكنون لها الاحترام والاعتزاز ، لما حصل في البيت الذي كَوَّنتْهُ ، وقدمتْ الكثيرَ من أجله .
وبقيت علاقات العمل والاحتلام المتبادل والزيارات العائلية ، و(نقاط الحديث) ، سحابة نقية بيضاء تأخذُ حيزاً أثيراً في سماء الذاكرة .