17 نوفمبر، 2024 6:40 م
Search
Close this search box.

نقاشات على نار هادئة … فتوى الجهاد الكفائي .. ودعوى صدورها من الإمام علي

نقاشات على نار هادئة … فتوى الجهاد الكفائي .. ودعوى صدورها من الإمام علي

في ذكرى استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) نحاول أن نخترق الخطوط الحمراء مرة أخرى لكي نطوع النفس والذهن على عدم تقبل كل ما موجود وكل ما معروض من مفاهيم وأفكار وعادات وتقاليد بغض النظر عن الغث والسمين منها ، ولكي نفتح نافذة لمن يقرأ بأن يعطي مساحة أكبر للعقل من أجل التفكير والتقبل على أساس التفكر وليس على أساس العادة والعبادة والتسالم ( وذبها براس عالم وأطلع منها سالم ) ، ولكي نخرج من منظومة ( حسبُنا ما وجدنا عليه آباؤنا ) الفكرية المتحجرة التي تقتل الإبداع وتركن العقل جانباً والتي رفضها القرآن بشدة لكن شذاذ القوم ما زالوا يخضعون لها . 
وسنتناول موضوعاً جديداً ضمن سلسلة مقالات ( نقاشات على نار هادئة ) وهذا هو المقال الثاني منها ، وموضوعها عن فتوى الجهاد الكفائي التي صدرت من السيستاني والتي صاحبتها تزويقات ونفحات روحية ومعنوية مزيفة من خلال التصريح بأنها لم تصدر من السيستاني وإنما تلقاها السيستاني من الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وسوف تكون مناقشتنا لهذا الأمر عن طريق طرح عدة تساؤلات تصب في معرفة حقيقة دعوى السيستاني وتجنيه ….
والسؤال الأول الذي يتبادر الى ذهن السائل هو لماذا لم يأمر الإمام علي ( عليه السلام ) السيستاني باختيار حكومة صالحة ؟ 
ولماذا لم يتدخل عندما أختار السيستاني أشر خلق الله من الناس ليسلطهم على أعناق الشعب العراقي ؟ 
فلو تدخل الإمام علي ( عليه السلام) في ذلك الوقت لجنب الشعب العراقي الويلات و الكوارث ابتداءاً من الطائفية المقيتة مروراً بنهب مقدرات الوطن وثرواته مع هدر طاقاته وما دُمرَ من بناه التحتية والأقتصادية إضافة إلى احتلال الكثير من أراضيه بيد تنظيم داعش الأرهابي ؟ 
إذن لماذا أنتظر الإمام علي ( عليه السلام ) كل هذه الفترة حتى يخبر السيستاني بالحل الصحيح وهو فتوى الجهاد ؟
وبدلاً من فتوى الجهاد وموت أولاد ( الخايبة ) – أي الفقراء من عامة الشعب – كان بالإمكان تجنب سقوط محافظة الموصل وتجنب إراقة الدماء أليس هذا السؤال منطقياً ؟
وفي حال عدم تقديم الجواب اللازم لهذا السؤ ال المحوري ، نعيد الكرةَ و نسأل لماذا لم يتدخل الإمام علي ( عليه السلام ) قبل سقوط الموصل وباقي المدن العراقية ويأمر السيستاني بالاستعداد للدفاع عن الموصل وغيرها من الأراضي وعندها حتى لو أعطينا ضحايا في عملية الدفاع ، فلن نخسر مدن دمرت بالكامل ، ولن يكون هناك مهجرين ، ولن يكون هناك قتلى من المدنيين لأن التصدي سيكون على الحدود مع سوريا فهل كان الإمام علي ( حاشاه ) وهو الإمام المعصوم لا يعرف بما سوف ينتج لو دخلت داعش وأحتلت المناطق الغربية من العراق وحجم الخراب والموت الذي سوف يحصل ؟
أم إن الإمام علي ( عليه السلام ) أراد لداعش أن تحتل المناطق الغربية وتعيث فيها فساداً ثم يأمر بفتوى الجهاد الكفائي لكي تقوم المليشيات بدورها بتدمير ما لم تدمره داعش وتهجير ما لم تهجره وقتل ما لم تقتله ؟وإذا كان الإمام أراد هذه النتيجة الأخيرة فهل يا ترى هو من أمر المالكي بسحب الجيش والقوات الأمنية أمام قلة قليلة من داعش تقدر بالمئات لتسقط الموصل اكبر محافظات العراق بعد العاصمة بغداد من حيث السكان ؟ وبعد هل من المنطقي أن يزج أسم علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بفتوى القتل وإستباحة الأعراض والأموال والتمثيل وقطع الرؤوس وحرق الأبرياء من الأحياء والأموات مع أن نهج الإمام علي كان ولا يزال حريصاً حتى على قاتله عبد الرحمن أبن ملجم حيث أمر ولده الإمام الحسن ( عليه السلام ) بأن لا يمثل بقاتله وأن يضربه ضربة بضربة في حال موته أما إذا كتب الله تعالى للإمام الحياة فذاك شأنه ؟ و هل أن كل ما جرى هو بأمر من الإمام علي ( عليه السلام ) من شرعنة لما قام به الإحتلال من دمار وهل كان الإمام علي على علم بأخذ السيستاني الرشا من المحتل حتى يكون له سنداً وعون وهل يقبل الإمام بفعل السيستاني الظلامي بإصداره الفتاوي الداعية إلى انتخاب الفاسدين بعد أن غرر ودلس بأكاذيب اعتبرها شرعية حسب هواه ومنها تحريم الزوجات على من لم ينتخب قوائم السيستاني مروراً بفتوى الجهاد الكفائي الواضحة المرامي والأهداف التي تصب بمصلحة المحتل الأمريكي والجارة إيران وغيرها ؟وعندما ينقل وكلاء السيستاني للناس قوله حول توضيح فتواه ( أن ما صدر ليس مني , وإنما صدر من جهات عليا ، والتفت إلى مرقد الإمام أمير المؤمنين ، وقال ببركات سيدي ومولاي أمير المؤمنين ، والإمام صاحب العصر والزمان صلوات الله عليهم ، فإن الأئمة عليهم السلام هم أعرف بما يحتاج إليه شيعتهم ) . نطرح سؤالا آخر :أليس السيستاني وحسب دعواه ومن يطبل له ويزمر على أنه هو المرجع الأعلى والإمام لهذه الأمة فهل يحتاج أن تضخ منظومته الإعلامية عناوين وفبركات أعلانية وإعلامية على أنه أخذ الفتوى من الإمام علي أبن أبي طالب ؟ ألا يثق السيستاني بنفسه ؟
ألا يثق السيستاني بأن الأمة سوف تمتثل لفتواه فاحتاج إلى أن يعطيها البعد الإلهي ؟ 
ولم يكتف السيستاني ببث وكلائه لنشر الدعاية حول كون الفتوى من جهات عليا ، بل استعان بدول الجوار أيضاً وصدر تصريحاً متناغماً من مرشد إيران المزعوم يقول فيه ( أنا على يقين بأن فتوى السيد السيستاني للجهــاد الكفــائي إلهام إلهي ) .
ومع هذا التأويل وهذه الدعاية الإعلامية لفتوى الجهاد الكفائي فقد تصدى المرجع العراقي العربي المحقق السيد الصرخي كثيراً لمناقشة هذه الفتوى وفي محاضرته الرابعة حول السيستاني قال ( دعوى أخذ السيستاني فتوى الحشد من الإمام علي للتغرير ….. ما هو سبب انحراف بعض صحابة الأئمة ؟ حب المال . الآن هذا المال القليل بالمقارنة مع المؤسسات الموجودة حالياً بالمقارنة مع الأرصدة الموجودة حالياً بالمقارنة مع السمعة الموجودة حالياً بالمقارنة مع الإعلام والفضائيات والمستأكلين من الكتاب ومن الإعلاميين ومن المنافقين وبملاحظة أن ذاك الطمع بالمال أدى إلى المعاداة المباشرة للإمام والانكشاف أمام الناس والانكشاف أمام عموم الناس ، أما هنا كسب المال فيه تغرير أكثر بالناس له مديح يرتفع إلى عنوان الإمامة وعنوان الرؤيا والمكاشفة مع المعصوم حتى مع أمير المؤمنين يأخذ الفتوى من أمير المؤمنين فيصدر فتوى الحشد وفتوى الطائفية وفتوى القتال وفتوى التقتيل وفتوى التقاتل بين الأشقاء وبين الأبناء وفتوى إباحة الأموال والأعراض وتهجير الناس وتهديم البيوت والتغرير بالمساكين بالشباب بالأبناء بالأعزاء ورميهم في المحارق وفي المسالخ وفي المقاتل والتقتيل وسفك الدماء من أجل صراعات خارجية مصالح خارجية مشاريع خارجية لا ناقة لنا فيها ابتلينا بها، ضحينا بالكثير من أجلها ، خسرنا الكثير من أجلها، فكيف إذا كانت كل الواجهات إضافة إلى المال والسمعة والمديح والسلطة كلها له ، ماذا يفعل؟! ) .
ومن حق المرء أن يتساءل هل سبب هذه الدعوى أن السيستاني يحتاج إلى إعطاء الفتوى نوع من القوة والزخم من خلال إلباسها لباس القدسية والعصمة ؟ أم أن السبب في ذلك هو التنصل من فتوى الجهاد ورغبته في عدم تحمل تبعاتها عند تطبيقها في الواقع وظهور عيوبها وعدم صلاحيتها ؟والإجابة أتركها للقارئ والمتابع للأحداث مع الإشارة إلى أن الإنسان العاقل لا يلدغ لأكثر من مرة وقد لُدغ العراقيون من السيستاني مرات ومرات عدة .

أحدث المقالات