“فاقد الشيء لا يعطيه” قالت العرب، و”ما أجمل الرجل قائلا فاعلا” نصت حكمة الإمام الحسن بن أبي طالب.. عليهما السلام، ولكي يتمكن الطب، من أداء رسالته، لابد له من تثبيت أركانه، القائمة على ثلاثة أثاف، هي “الجامعة” و”الوزارة” والنقابة” التي تتضافر جهودها.. تباعا.. لإكتمال الخدمة العامة.
لكليات الطب، في الجامعة، سياقاتها الاكاديمية، القائمة على مناهج “ناجعة – مجربة” تتخرج فيها دفعات من علماء الجسد البشري، مفندي علله ومعالجي آلامه، مدركين لماهية “وظائف الأعضاء – فسلجتها” فيما يترك الجانب الإداري، من حيث التدرج الطبي وتوزيع الاختصاصات وتغطية الحاجة، في مستشفيات العاصمة والمدن والمحافظات، شأن وزارة الصحة.. خالصا.
ما يهمني هو نقابة الاطباء، التي تشترك مع “الإقنومين – الأصلين” السابقين، في مسؤولية واجب العناية بتطوير المهنة، وتتفرد عنهما، بكونها شاقول البناء المهني، فمجرد كلمة نقابة، تعني “مهنة” لأن النقابات مهنية، تحقق ماكسب لأعضائها وتفلتر شرف أدائهم الواجب، بين الفئات المستفيدة “المرضى” بجد ومواظبة وبذل الجهد حتى الرمق الأخير، من دون إستسلام لآفة داء أو تهاون مع فايروس أو تواطئ مع جرثومة او تكاسل عن معالجة مرض.
وعودا الى حكمة الامام الحسن، فيبقى قانون النقابة مجرد كلام، ما لم يشفع بإلتزام تطبيقه حرفيا، إنطلاقا من حرص مشددد يبالغ بترجمة الفقرات الى فعل مشهود على أرض الواقع.
واقع نقابة الاطباء، هو مسح قطاعات العمل؛ لتزويد الكليات بالتوجهات الواجب إتخاذها؛ بغية تغطية الحاجة الفعلية، وتأشير ذلك مع الوزارة، ومن ثم ترك هذين الامتدادين الافقيين، اللذين يجريان معها، بالتوازي، والعمل على البناء العمودي لكيانها، من حيث حماية الاطباء من الاعتداءات وضمان مستحقاتهم المالية وزجهم في دورات عالمية، لتوسيع مداركهم العملية والعلمية.
وبإستكناه المستهل.. “فاقد الشيء لايعطيه” فلا بد للنقابة أن تتخفف من أعباء التداخلات غير المحسومة في بنيتها الادارية ومجريات عملها المهنية، وتختار مجلسا مركزيا ذا همة واعية ونظرة تأملية وحركة دائبة، تمكنه من تحقيق مكتسبات لأعضائها.. مجلس مدرك لمعنى مهنية النقابة، يبلور إدراكه في إجراءات تنشر طاقات الطبيب العراقي المبدع.. محليا وعالميا.. وتضمن ثقله في المجتمع؛ بإعتباره واحدا من الوظائف الحاكمة.. النخبوية في كل المجتمعات.. المتحضر منها والبدائي؛ فالطبيب يعد حكيما منذ فجر السلالات، يتبوأ منزلة مثلى، في كل الحضارات، فهل نحتاج للتذكير بذلك، أم نجعله بديهة عمل تلقائية، نؤديها وفق تخطيط عالٍ يليق بقيمة الطبيب، وعظمة مهمته الإنسانية المقدسة.
تلك القدسية، لن تدركها الدولة ولا الشعب، ما لم يدعم الطبيب من داخل نقابته؛ تأكيدا لإستيفائها المقومات، التي تمكن أعضاءها من حسن تقديم الخدمة العامة، وهم مستريحون.