9 أبريل، 2024 4:54 ص
Search
Close this search box.

نفوق عشرات القنوات الإعلامية العراقية

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم تكن تظاهرات أكتوبر وحدها هي السبب في وضوح الصورة في المشهد الإعلامي العراقي فلطالما تعاظمت الفجوة بين الجمهور والمرسل بسبب ضبابيةُ فحوى الرسالة على الدوام وكل العراقيين يعرفون جيداً شكل الاعلام الضعيف في الأزمات وموقفه عندما يصبح مصير الوطن على المحك
ببساطة متناهية يجيب حجي سجاد بينما يسحب نفس من سيجاره ويعتدل بجلسته على ناصية محله البسيط
” القناة الحكومية نتابعها مثلاً حتى نعرف العطل والأعياد ”
انه يذكرني بنكتة قديمة عن صور كثيرة لشخصية سياسية في بيت متهالك لاحد الفقراء
اذ بينما يفرح المسؤول بعد ان يتفاجيء بصوره الكثيرة على الجدار يجيبه احد الأطفال
” عمو هاي من الرطوبة بابا حطها ”
كثير من القنوات العراقية ( تخوط بصف الاستكان) يواصل الحجي حديثه
بينما يرد على الأسئلة ببساطة وبسالة العراقيين
(دجلة خوش بس يكولون مال واحد بالحكومة)
وعندما سألته عن الشرقية
اردف قائلاً زينة ومرات تسب الصبح وتمدح العصر
من يستطيع تحليل وتفكيك الخطاب الاعلامي الحر الحقيقي ؟
نعاني من شحة في هذا المجال فمعظم كفائاتنا تم تهميشها وإقصائها
ماشهدناه من تغطيات للتظاهرات المليونية من على غالبية محطاتنا الإعلامية لم يكن ابداً يليق باعلام عراقي لشعب عظيم كشعب العراق
سألت مدير احدى القنوات العراقية
لو دخلنا الى بيت عراقي بسيط واستخدمنا الريموت كونترول تتوقع ان نجد قناتكم في المفضلة ؟؟
أجاب بكل صراحة لا

ربما يسأل البعض ممن يجد ان المقال فيه بعض من ظلم لمواقف الاعلام العراقي أقول وبصراحة
اولاً :- لم نشاهد خلال اكثر من شهر من على القنوات العراقية ممارسة حقيقية للسلطة الرقابية عبر تقارير ولقاءات مع الشباب لا مع المسؤولين عن قتلهم
ثانياً :-لم نشاهد صناعة محتوى جديد وغير معاد ومكرر يثير المشاهد العراقي ويشعره بان الخطاب موضوعي وخالص لمصلحة الوطن لا لتجميل وجه السلطة
ثالثاً :-لم نشاهد توجيه نشرات بلغات العالم لايصال رسالة الشعب وتطلعاته
شهر أكتوبر أزاح الستار ليكشف عورة وضعف الاعلام العراقي لاسيما في خطابه الدولي

(أم بي سي عراق مول كبير اسقط كم هائل من الدكاكين الصغيرة)

أتذكر جيداً عندما تم إطلاق ام بي سي عراق قلت لبعض الزملاء انها ليلة حزينة للإعلام العراقي الذي لن يصمد طويلاً
في الحقيقة صمدت الشرقية فقط وتمكنت من التقاط أنفاسها بعد شهر رمضان
لماذا لم تنجح أم بي سي مصر من القضاء على الاعلام المصري ؟
لان الاعلام المصري يمتلك القوة والحرفة في التسويق وقد ادرك عرابوه مبكراً معنى ان تستحوذ ام بي سي على عائدات مصر من الإعلانات فلم يتركوا الساحة فارغة في ظل تنافس محموم لم تفلح معه مجموعة أم بي سي الا على نيل كسرة صغيرة من رغيف الإعلانات
في الحالة العراقية البقاء للأقوى
استحوذت الأم بي سي على جل الإعلانات وتقاسمت الرغيف مع الشرقية ودجلة بينما بقيت باقي القنوات تحت تأثير الصدمة
وسوف تتهاوى قريباً وتتراجع أعداد القنوات تراجعاً ملحوضاً وفق ماتقرره نظريات التسويق وسيبدو ذلك جلياً بعد انتصار إرادة الشباب في الساحات على المعزولين في المنطقة الخضراء وحماياتهم من المليشيات

كم هو مؤلم ان ترقب تسجيل اكثر من ٥٨٠ مؤسسة إعلامية في العراق رسمياً
من بينها مايقارب مائة محطة تلفزيونية
كلها تقريبا ً متخندقة لمصلحة مالكيها او الأحزاب التي تمولها اذ تتعالى بينها وبين الجمهور جدران ومسافات وحواجز من الفهم الخاطىء بسبب محتوى الرسالة المغلوط
ففي الوقت الذي ترتفع فيه أصوات الشعب كل الشعب تقريباً للتغيير تبث القنوات الهجينة برامج عن الطبخ او توم وجيري ولاتكتفي بعضها بذلك بل تتهم الجمهور بانه عميل تحت تأثير فكر خارجي
لكن …ليست هذه كل الصورة ففي الجانب الآخر من المشهد هنالك ثمة صورة جلية وحقيقية صنعها الشباب بعفوية وصدق حبهم وولائهم للعراق
ولن اسمح لنفسي ان انسى ابداً الإشادة بفخر بكل جهود أصحاب صفحات التواصل والمدونون الشباب من الساحات ومن شتى ارجاءالعالم ممن لم يركبوا الموجة ولم يسوقوا خطابات الكراهية والتحريض الذين ابدعوا كسائقي التكتك هما معاً ابلغ من نقل الصورة كما هي

أقول لكم .. بصراحة انني وكل الإعلاميين العراقيين الأحرار اعلنا براءتنا ورفضنا لكل خطاب مهما علا او نزل شأنه لا يوازي قطرة دم عراقية سالت على ساحات الشرف والعز في اكتوبر فلقد كسروا اخوانكم حواجز الخوف والتهديد والوعيد ولم يرقبوا أمامهم سوى وجوهكم وعفوية دموعكم وبراعتكم في رسم مصير الوطن في ساحات العز
وها نحن نقول للقابعين في الخضراء بصوتنا وصوتكم

هنا ..ساحات الشعب خضراء العراق الحقيقية
وليست منطقتكم المعزولة عن عيوننا وقلوبنا
هنا الشعب
هنا يكتب الدستور بعزيمة الشباب
هنا ستكون محاسبة الفاسدين
هنا البداية
هنا الدم النقي الذي عانق الأرض واوقد شموخها
هنا الدمع والأغنيات
هنا المتنبي وأبو تمام والجواهري وعبدالرزاق عبدالواحد
هنا بغداد عاصمة الدنيا
هنا آشور وبابل وسومر
هنا نحن .. قلوبنا وعيوننا ومستقبل أطفالنا
هنا التكتك الذي غيرمسيرة شعب
لن تنفعكم اسلحتكم ولثامكم ..
لن تنفعكم صلاتكم وزيف اعتقاداتكم
بعد ان ترحلوا ورحيلكم بات قاب قوسين
لن نقول لكم حتى وداعاً .. انتم لاتستحقون الوداع
(مشكولين الذمة)

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب