کثيرة هي الاوصاف و التسميات التي تم إطلاقها على الاتفاق الذي تم توقيعه بين دول مجموعة1+5 و بين إيران، ومع وجود التفاوت و التباين و أحيانا اخرى التطابق و التشابه، لکن من الواضح جدا إن النقطة و القاسم المشترك بينها جميعا هو طابع التهکم و السخرية من طهران التي ملأت الدنيا صخبا و ضجيجا بشأن مواقفها المتشددة و خطوطها الحمر، لکنها في النهاية وکما يقول المثل(تمخض الجبل فولد فأرا)!
خلال مفاوضات إستمرت أکثر من 12 عاما بين المجتمع الدولي و نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بشأن برنامجه النووي، والتي مرت بمراحل متباينة و بمنعطفات و مطبات کثيرة، کان واضحا أن هذا النظام يلعب لعبة القط و الفأر مع المجتمع الدولي ومن کثرة اساليب المراوغة و الخداع و التمويه و الغش التي مارسها هذا النظام، فإن المجتمع الدولي إضطر في نهاية المطاف أن يلجأ الى سياسة(الجزرة و العصا) معه و يباشر بتطبيق عقوبات متنوعة کان أکثرها تأثيرا على النظام العقوبات النفطية التي قصمت ظهره و أعادته الى حجمه الطبيعي بعد أن صور نفسه غولا او عملاقا أمام العالم.
العقوبات النفطية کشفت و فضحت هشاشة الاقتصاد الايراني و عدم وجود بنية تحتية بالمعنى الحقيقي للکلمة وتبين بأن هذا النظام لم يقدم من شئ حقيقي للشعب الايراني طوال أکثر من ثلاثة عقود سوى المشاکل و الازمات و المصائب و الکوارث، لکن النقطة المهمة جدا و التي يجب أن نتوقف عندها و نتأمل فيها هي أن البرنامج النووي لم يلفت الانظار الى خطورته إلا بعد أن قامت المقاومة الايرانية بکشف الکثير من التفاصيل و الخفايا عن جوانبه السرية، حيث إنتبهت المنطقة و المجتمع الدولي و صحوا من غفوتهم على تهديد في منتهى الخطورة يتربص بهم.
المفاوضات التي قادت الى هذا الاتفاق، هو مسار رافقت تفاصيله المقاومة الايرانية بکل دقة لازالت تقف بالمرصاد للنوايا العدوانية ليس للبرنامج النووي فقط وانما للکثير من المخططات المشبوهة الاخرى التي يستهدف بها السلام و الامن و الاستقرار في المنطقة و العالم، والذي نود أن نجذب الانتباه إليه، هو أن السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية قد أکدت عند إضطرار طهران الى التوقيع على إتفاق جنيف المرحلي و الذي کان بمثابة الخطوة التراجعية الاولى لها نوويا، بأن هذا النظام و بسبب من أوضاعه الداخلية بالغة السوء و الشلل الذي أصاب مفاصله، فإنه أمام خيارين إما الاستسلام بالتنازل عن برنامجه النووي او المواجهة، وفي کلتي الحالتين فإنه يواجه نهايته، وإن الذي يجري الان هو هذا الامر، حيث أن هذا النظام قد سار بقدميه الى نفق الاتفاق الطويل و الذي لايمکن له أبدا من أن يخرج منه کما دخله إذ إن مشوار التنازلات الموجعة و المخزية سيبدأ بعد دخوله الى هذا النفق، والسؤال هو کم سيستمر هذا المشوار ومتى سيقول الشعب الايراني و مقاومته الکلمة الفصل التي تحسم الموقف نهائيا.