23 ديسمبر، 2024 5:34 ص

نفط صاعد .. نفط نازل   

نفط صاعد .. نفط نازل   

قبل أيام نعى عبد الرحمن الراشد الكاتب السعودي المعروف “دولة الرفاه” بالمملكة العربية السعودية. وقبل السعودية بدأت دولة أكثر رفاهية منها هي الإمارات العربية المتحدة إجراءات مماثلة للحد من البذخ والتبذير. جاء ذلك بعد فترة قصيرة من إعلانها عن إستحداث وزارة لـ “السعادة”. من الواضح أن الإمارات “إنضربت” عين بعد أن باتت معالم مثل برج العرب وبرج خليفة مضرب الأمثال. دولة قطر الأكثر غنى من كل دول الخليج والمشغولة بإستعدادات خرافية لتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022 بدأت هي الأخرى بإتخاذ إجراءات إحترازية لجهة مواجهة إنخفاض اسعار النفط وإستحالة العودة الى الرقم السحري الذي بلغته الاسعار قبل سنوات وهو 140 دولار للبرميل الواحد. 
لا أعرف إن كان شبح “مدن الملح” وهوالوصف الذي أطلقه الروائي  الراحل عبد الرحمن منيف على دول الخليج في خماسيته الشهيرة بدأ يطل من جديد أو إنها سوف تسابق الزمن من أجل إصلاح إقتصادي وإنفتاح إجتماعي يمكن أن يكون بديلا لدولة النفط التي دالت. هذا عن دول الخليج.. فماذا عن “أرض السواد” العراق ذي النهرين الخالدين والأراضي الخصبة الصالحة للزراعة من الشعير حتى النخيل مرورا بكل أنواع الفواكه والخضر التي بتنا نستوردها من دول الجوار وغير دول الجوار بسبب فروقات الأسعار وكلف الإنتاج؟.
يضاف الى ذلك أن باطن الأرض العراقية لايزال منجما لمعادن مختلفة من النحاس والكبريت والغاز والقصدير وغيرها الكثير حتى بإفتراض أن عصر النفط ولى أوكاد سواء بمزاحمة النفط الصخري له أو ظهور بدائل مثل الطاقة النظيفة  كالشمس والرياح وسواها من البدائل التي باتت تعقد من أجلها القمم العالمية حماية للبيئة بل وللجنس البشري. فلقد بدأ المناخيون يدقون نواقيس الخطر بِشان الإحتباس الحراري ومشكلة تناقص الموارد الطبيعية بالقياس الى الاعداد المتزايدة من البشر الذين بات يضيق بهم كوكب الأرض.عراقيأ لاتزال مؤشراتنا بعيدة عن مفهوم الرفاهية الذي يتمتع به الآخرون والذين بدأوا يفكرون كيف يمكن ان يكونوا أقل سعادة مما كانوا عليه وليس كيف يمكن أن يدبروا قضية الرواتب التي تشكل أكثر من 70% من تخمينات موازناتنا وإيرادات  نفطنا. إن تفكيرنا لم يعد مرتبطا بخطط عشرية أو خمسية أو حتى سنوية بقدر ما هومرتبط ببورصة أسعار النفط التي صار يعرفها كل عراقي عينه على آخر الشهر وكم يمكن أن يدخل لوزارة المالية من فلوس . وحيث أن الموازنة أقرت من قبل البرلمان بسعر 42 دولار للبرميل الواحد من النفط فإنه في حال تم الإعلان عن تخطي أسعار النفط عتبة الـ 50 دولار للبرميل فإننا نطمئن أن الرواتب لاتزال “خط أحمر” مثلما يحلو لبعض النواب التصريح بذلك. بينما إذا هبطت دون الخمسين دولار لم يعد أمامنا سوى التوجه صوب البنك الدولي كاحد خيارات تخطي مشكلة الخط الأحمر, أو السحب من إحتياطي البنك المركزي وهو كمن يأكل من لحمه. على أية حال هذا هو حال من “لايعرف تدابيره”.