23 ديسمبر، 2024 9:08 ص

نفط الشمال أم دولة كردستان ؟!

نفط الشمال أم دولة كردستان ؟!

ينعت خبراء السياسة بعض الشيعة ممن امتهن السياسة سببا للترزق بالغباء. ليس هذا بجديد، رغم استدراك أؤلئك المعنيين بالأمر- بعد فوات الآوان- حقيقة غباءهم. فعندما أستمرأ الشيعة الذين تسيدوا المشهد السياسي بعد 2003 تسمية شمال العراق، بتلك التسمية العنصرية (كردستان) التي أعترف بها المجرم الدكتاتور صدام المقبور في فترة حكمه وهو باسط نفوذه وسيطرته عليها بشكل اقوى من الحال الذي عليه اليوم بالنسبة للعلاقة بين المركز والاقليم، فهم قد أسسوا لمرحلة خطيرة تبدأ ولا تنتهي بالإعتراف بكيان اقتطع من خارطة العراق ليكون دولة أشبه ماتكون ب(اسرائيل).
طبعا قد لا يرضي هذا الكلام بعض العرب وكثير من الأخوة الكرد خصوصا ممن يتطلعون إلى رؤية دولتهم المزعومة ودول العالم تعترف بها سريعا. حقيقة ما موجود الآن على أرض الواقع، ومنذ زمن ليس بالقريب، فإن أقليم كردستان يتمتع بمزايا دولة غير معترف بها دوليا، وتجد دعما غير محدود من بقية دول العالم وبكافة الأصعدة سياسيا واقتصاديا وعسكريا وثقافيا، بدون اي اعتراف رسمي بكيان دولة إذا ما استثنينا الإعتراف الإسرائيلي ولاسباب معروفة. في الحدود الفاصلة بين الأقليم وبقية محافظات العراق أو في المطارات، ينتظر العراقي المسافر من مطار بغداد إلى أربيل ساعات طويلة في حالة عدم استصحابه لجواز سفره العراقي المكتوب بثلاث لغات، أحدها لغة الأقليم، اللغة الكردية، بعدها يمنح الإذن بالإقامة المؤقتة والمحدودة والمشروطة بمراجعة دوائر الأمن الكردية في محافظات أربيل أو دهوك أو السليمانية في أفضل الأحوال. أما اذا كانت مزاجية الشرطي العامل في المطار متعكرة قليلا، فسوف يوجه المسافر العراقي باستحصال كفالة شخص كردي مقيم في الأقليم كضمان لمروره والأقامة بضع ايام لا تتعدى أصابع اليد في أقليم كردستان، هذا إذا لم يُطرد ويُمنع من الدخول وهو ماحصل مع صديق لي رغم إنه كان كردي ويتحدث اللغة الكردية لكن جواز سفره العراقي يشير إلى كون والده كردي وأُمه عربية. كل هذا وغيره يستصغره الحاكمون في بغداد ويستهينون به إلى حد إعتباره أمراً تافها، ولكنهم كانوا متأخرين تماما حينما أكتشفوا أنهم قد أخطأوا في حساباتهم بتسليم الأكراد لوزارة الخارجية في 2003 التي من خلالها سعى الكرد إلى بناء علاقات متينة مع مختلف دول العالم وبأسم العراق لتمرير مخططاتهم في تعزيز مقومات الدولة الكردية داخليا وخارجيا وهذا ما نجح به الكرد عبر إدخال العديد من الشركات الأجنبية للعمل والأستثمار في محافظات الإقليم وخصوصا أربيل. بالإضافة إلى ذلك، فهم قد وسعوا من شراكاتهم، من خلال تواجد سفراءهم بالخارج، وهم عدد لابأس به، وما يتمتعون به من تسهيلات غير محدودة، فقاموا بتوقيع مذكرات تفاهم مع دول عديدة لفتح بعثات لها في الإقليم. وعمدوا إلى إهمال تقوية علاقات العراق مع دول مهمة كان لها علاقات صداقة وتجارة قديمة مشتركة مع العراق مثل جمهورية إيرلندا وجمهورية مالطا ونيوزلندا والبرتغال، حيث قام اقليم كردستان بعلاقات تجارية مع بعض من تلك الدول من خلال فتح سوق خاص لتصدير النفط إليها وهذا ما حصل فعلا مع مالطا التي كانت ناقلات النفط العراقية تمخر البحر المتوسط لترسي في موانيئها في ثمانينيات القرن الماضي. وقد أكدت وكالة رويتر مؤخرا وتحديدا يوم الجمعة في 21/7/2017 خبرا عن ظهور ناقلة نفط كانت تحمل شحنة من النفط الخام المتنازع عليه بين بغداد والأقليم، مجددا قبالة سواحل مالطا. وجدير بالذكر أن الأقليم يصدر أكثر من 600 ألف برميل من النفط الخام يوميا عبر ميناء جيهان التركي دون أن يسلم للحكومة في بغداد أي واردات من تلك الشحنات، بل يطالبها بدفع رواتب الموظفين في اقليم كردستان، ومستحقات الشركات النفطية العاملة في الاقليم، فيما يبيع شحنات أخرى من نفط الشمال عبر وسطاء إلى دول عديدة أخرى وجماعات مسلحة كالتنظيم الإرهابي داعش.