لفت انتباهي تصريح نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني، الذي ادلى به من مدينة سيدني الاسترالية والذي انتقد فيه اقدام حكومة إقليم كردستان شبه المستقل على تصدير النفط المستخرج من ابار في الإقليم وتصديره عبر الاراضي التركية عبر اتفاقية ثنائية بين تركيا والإقليم دون الرجوع إلى حكومة العراق المركزية.
وأوضح الشهرستاني ان «أي نفط يؤخذ إلى خارج البلاد ولا تذهب المدفوعات إلى الشعب العراقي من خلال الحكومة المركزية يعتبر استيلاء على ثروة العراق الوطنية»، مبيناً ان «هناك عدد من الوسائل تعكف الحكومة العراقية على دراستها وأي حكومة مسؤولة ستعطي نفس الأولوية لحماية ثروة الشعب». وقد كشف هذا التصريح عن توجه جديد للحكومة المركزية في التسليم بأحقية إقليم كردستان (شبه المستقل) في إدارة كافة العمليات النفطية من تعاقدات واستخراج وتعاقد وتصدير، وأن كل ما تريده حكومة المركز هو ان تؤول الواردات المالية إلى الخزينة المركزية. وهذا موقف جديد بعيد كل البعد عن موقف الحكومة السابق، حيث كانت تصر على حقها الحصري في إدارة العمليات النفطية بكافة مفاصلها على كامل الارض العراقية.
أما كيف سيعالج الشهرستاني [= الحكومة المركزية] التمرد (النفطي) الكردي؛ فهو اشبه بالمزحة، حيث أكد على ان الحكومة حذرت الزبائن الذين يشترون الصادرات الكردية. أما الاجراء الثاني، فهو تهديد الشركات المنتجة في إقليم كردستان العراق (شبه المستقل) بمقاضاتها. أي ان الحكومة عازمة على مواجهة الطرفين الثانويين، المنتج والمشتري، وهي تعلم، ونحن نعلم ان لا طاقة للعراق في مواجهتهما.
أما تركيا، التي يمر النفط عبر اراضيها ويصدر عبر احد موانئها (ميناء مرسين)، فلم ينبس أي مسؤول ببنت شفة نحوها، سوى تصريح خجول لمستشارة مغمورة لرئيس الوزراء انتقدت فيه تركيا لقبولها بتصدير النفط عبر اراضيها.
كما لم تعترض الحكومة لدى سلطة الإقليم (شبه المستقل) على مبادرته الاحادية هذه، بل انها تعتزم اصدار موازنة تكميلية ستُضَمّنها كل مطالب الإقليم الاضافية التي لم تتضمنها الموازنة الاولية التي اقرت في شهر آذار والتي لم يوافق عليها الأكراد حينذاك.
يبدو الأمر وكأننا امام خطابين للحكومة، واحد للاستهلاك المحلي يراد به الضحك على ذقون الجماهير واستغفالها، وآخر رسمي يغض الطرف عن كل ارتكابات إقليم كردستان (شبه المستقل) ويترك له الحبل على الغارب طمعا بحياده في المعركة «الشيعية ـ السُنـّية» المحتدمة منذ عشر سنوات. والطريف في الأمر ان طرفي النزاع (الشيعي ـ السُنّي) يحرصان على «الحياد الكردي». وهما مستعدان لتقديم ارواحهما فداء له.
مأساتنا ليست في ضعف الإدارة، بل في نقص الكرامة وارتضاء المهانة.