23 ديسمبر، 2024 7:30 م

نفسيات الشعوب

نفسيات الشعوب

ان كل شعب او فئة لها مايميزها من الصفات الاجمالية ان كانت سلبية او ايجابية وليس في اظهار هذه الخصائص حرج شرعي , فقد وصف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعض القبائل بالجفاء وغلظ القلوب واثنى على بعضها ومدح ايمان البعض الآخر وما الى ذلك , وان الصفات النفسية العامة للشعب ( الاصلية او الطارئة ) لايشترط ان تكون في كل ابنائه بل هي على الاغلب ( فنحن نعي الاختلاف الواسع في الطباع والنفسيات لشرائح المجتمع المختلفة ) وكذلك لايعني خلو الشعوب الاخرى من هذه الصفات او وجود صفات مضادة في المجتمع نفسه , وذكر هذه الصفات غرضه معرفة ايجابياتنا وسلبياتنا , واذ انه لاتوجد في الشعوب والافراد صفات أزلية لن تتغير وإلا لما بعث الله الانبياء ولا تكلم المصلحون .

ان التعامل مع نفسيات الشعوب وتحريكها عن طريق الايحاء واللاوعي فن عملاق يستعمله اساطين القرار العالمي لتحقيق اهدافهم جنباً الى جنب مع تحركهم العسكري والسياسي والاقتصادي والاعلامي , فسد الثغرات وتفعيل نقاط القوة هو جزء من الرد على المؤامرات الكبيرة .

فالعراق منارة الشرق وسرة الارض وقلبها , اليه تحادت المياه وبه اتصلت النظارة , وعنده وقف الاعتدال , فصفت امزجة اهله ولطفت اذانهم واحتدت خواطرهم واتصلت مسراتهم , فظهر منها الدهاء وقويت عقولهم وثبتت بصائرهم .

ومن لطائف التاريخ انه في فترة بناء الاهرام ومئات الالاف من المصريين يجرون الصخور العظام لبناء قبر لفرعونهم كان العراقيون قد اطاحوا بملكهم الاكدي وباتوا يجرونه في الشوارع .

وهذه بعض صفات اهل العراق والناس معادن ومعادن اهلنا – والحمد لله – من اجودها , ولكن تعرضت النفسية العراقية خلال العقود السابقة الى الكثير من الضغوطات والتغيير المخطط له او العشوائي مما ادى الى ظهور الكثير من السلبيات والايجابيات على الشخصية العراقية نذكر منها :-

1- السلبية القاتلة : ونشاهدها في ضعف الاداء الوظيفي وعدم الالتزام وضمور الابداع والتسيب وعدم احترام الوقت او العلم وضعف الاقدام والخوف من المجهول والخوف من الجوع والدعوة الى الطائفية , هذه الصفات قد عمت المحسن والمسيء فقلت مبادرات الخير .

2- عدم الثقة بالآخرين وسوء الظن بالوعود والمشاريع الفكرية ورمي البعض للبعض الآخر بالعمالة او الانتهازية ولذلك انحسر العمل الجماعي والتجميعي في كل مجالات الحياة وتحول الى الفردية والانحراف فيها حد الانعزالية من جهة والى الدكتاتوية من جهة اخرى .

3- الوسوسة الدائمة بالمشاكل المزمنة واهمها البطالة والعنوسة وما يتفرع عنها من عوز وصراعات اجتماعية واخلاقية .

اما الصفات الايجابية فيمكن حصرها بالنقاط التالية :-

1- التكيف مع مختلف الظروف والقدرة على التحمل واستسهال حمل المهمات الوطنية الصعبة وعدم قبول الذل والخنوع .

2- دعم واسناد التيارات الفكرية التي تحمل المبادئ العامة للمثل والقيم ومعظمهم في خط شروع واحد نحو هدف سامٍ برغم اختلاف مشاربهم .

3- ان المصائب بطبعها تقوي من اواصر علاقات المصابين وبالاخص صلات الرحم والصلة العشائرية وهذا ما حدث بالفعل لاهل العراق .

وبعد هذه الملاحظات والعرض اود ان اوضح بعض طرق معالجة السلبيات وتفعيل الايجابيات ومنها :

1- بث روح التفاؤل الايجابية وبث روح العمل الجماعي وايجاد المشاريع العملية والترغيب فيها ومحاربة الفكر اليائس والعابث .

2- ايجاد الرموز القدوات والجماعات القدوات والمؤسسات القدوات ليكون ابلغ درس في امكانية الوثوق بالاخرى .

3- التحرك وبكل الطاقات لمساندة مطالب الناس والتفاعل مع آمال وآلام الآخرين وهذا هو لب الانسانية , فالاكتفاء بالتنظير والانشغال بالقضايا الكبيرة يحرمنا من عواطف الناس ويحرمنا ايضا من بناء صرح هذا الوطن وتحقيق المنافع لبني جلدتنا .