15 نوفمبر، 2024 7:21 ص
Search
Close this search box.

نفايات العالم تغزو مواقع التواصل الاجتماعي

نفايات العالم تغزو مواقع التواصل الاجتماعي

بعد إن امتلأت شوارع العراق بنفايات العالم من السيارات اثر ما يسمى الانفتاح الذي بدا بعد الاحتلال عام 2003 ، وبعد إن تم تعويض الناس عن حرمانهم من أيام النظام السابق بالسيارات التي تم تسقيطها في كوريا واليابان وألمانيا وغيرها تحت عنوان الإدخال الكمركي المؤقت ، وبعد نجاح تجار الولايات المتحدة بتحويل أكثر من نصف مليون سيارة ( مسقطة ) من نفاياتها إلى أسواق العراق في إقليم كردستان وبقية المحافظات تحت عنوان ( الوارد الأمريكي ) ، وبعد أن حشرت في شوارعنا سيارات مصممة للاستخدام داخل المدن إلا إنها تنتقل على الطرق الخارجية تحت عنوان ( سيارات واطئة الأسعار ) من الصين ودول الجوار ، وبعد أن غصت الشوارع بسيارات ( الوارد الخليجي ) بأعداد تفوق الحاجة للسيارات ولا تتناسب مع طاقة واستيعاب الطرق التي لم توسع او تعمر منذ سنوات ، وبعد أن أصبح الوصول من و إلى مقرات العمل والسكن يتطلب ساعات بسبب الازدحامات والاختناقات ، وبعد أن انفق البلد من عملته الصعبة المليارات لاستيراد السيارات بعدد أفراد الأسرة الواحدة او أكثر او اقل في بعض الاحيان ، وبعد أن اخذ البلد ينفق مليارات الدولارات لاستيراد البنزين المدعوم وقودا للسيارات لعدم قدرة مصافي النفط المحلية من الإنتاج بقدر يساوي او يزيد عن الطلب والاستهلاك ، وبعد أن امتلأت أسواقنا العامرة بالسلع المستوردة من كل دول العالم بلا استثناء ، بحيث بات الاستيراد يوفر 90%او أكثر من احتياجات الشعب لبلد يعيش على مبيعات النفط التي تشكل مصادرها 95% من مجموع الإيرادات والنفقات ، وبعد إن تفاقمت أزمات الكهرباء بسبب عدم قدرة الإنتاج المحلي والمستورد من توفير الطاقة ومجاراة استهلاك المكيفات وأخواتها الكهربائية المستوردة من مختلف بقاع الأرض .
وبعد كل المظاهر والإجراءات التي طعنت ومزقت أشلاء المنتج المحلي من الخلف وفي كل الاتجاهات ، فقد ولدت فكرة جديدة اسمها ومحتواها ترويج زبالة ونفايات العالم من السلع عبر مواقع الانترنيت جملة او بالمفرد ، وهي عبارة عن بالات يتم استيرادها من الأسواق العالمية بشكل يعيدنا لذكريات وآلام العقود الماضية في تداول ( أللنكات ) ، ولكنها في هذه المرة لم تقتصر على الملابس وإنما امتدت إلى الأجهزة والأدوات والإكسسوارات والمستلزمات وكل ما لم يخطر على البال ، حيث تدخل لحدودنا العديد من هذه بالحاويات برا وبحرا ويباع بعضها على الفحص والبعض الآخر بعطلات ( فحم ) وبعضها لا يعرف مروجيها اسمها ومحتواها ومجالات وفوائد الاستخدام ، وهي تجارة يتم تسويقها من خلال ( الفيس بووك ، الوات ساب ، غيرها ) وتباع بالكيلو غرامات او ( الكوتره ) او بالبالات او بالمفرد من خلال المزاد او أل( تم ) ، وهي سلع يتم استيرادها من مناشيء العالم المختلفة ، أما أن تكون مستخدمة وصالحة او غير صالحة للاستخدام او جديدة وفيها عيوب صناعية بحيث يمنع ترويجها في بلدان الاستيراد او إنها خارج الموديلات والتقنيات ( ستووك ) او إنها تجمع من المعارض والمخازن والأسواق لتقادمها او لنكول مشتريها هناك او إنها غير قابلة ترويج أي بطيئة او معدومة الحركة في البيع او إنها ممنوعة الاستخدام في بلدانها بسبب أضرارها ومخالفتها لشروط الجودة والاستهلاك ، واغلبها تستورد بطرق غير مصنفة او منظمة حسب الأحجام والألوان والموديلات ، كما إنها غير مفحوصة من معايير الجودة و صلاحية الاستخدام ، وبعضها مغلفة بأغلفة تالفة او صالحة او إنها ليست مغلفة مما يفقدها بعض أجزاء تشغيلها ويحولها إلى سكراب ، وتلك السلع تباع بوسائل التواصل الاجتماعي ويتم تسليمها للمشترين بكل المحافظات بطريقة التوصيل ( الدلفري ) التي تنتشر هذه الأيام .
ونحن لسنا بالضد من أساليب التسوق الالكتروني الذي سبقتنا فيه الكثير من الدول بخطوات ، ولكننا بموقف المتسائلين عن الكيفية التي يتم بها استيراد الأطنان من هذه السلع وهي لم تخضع لموافقة الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ، كما إن هناك تساؤلات عن الكيفية التي يتم بها إدخال هذه النفايات من المنافذ الحدودية وهي لا تحمل قوائم تفصيلية عن محتوياتها بالكم والنوع ، ومن دون شهادات تثبت خلوها من الإشعاعات والملوثات والانبعاث الكيماوية والإحيائية والفيزياوية بما يؤكد صلاحية تداولها واستخدامها دون إضرار للإنسان وبقية الكائنات ، ويحق السؤال أيضا عن مصادر تمويل الاستيراد لهذا النوع من السلع بالدولار فهل هي من مبيعات البنك المركزي أم من خلال شراء ( الشدات ) من مكاتب وشركات الصيرفة ، وإذا تم الشراء من خارج المركزي فهل من المسموح بإخراج أقيامها بالتحويل والحوالات ، وان من الحق السؤال أيضا هل إن الشعب العراقي محروم حاليا من شراء السلع لكي يكون هناك سوق موازي من سلع النفايات ، اخذين بالاعتبار إن منح تسهيلات لشراء مثل هذه السلع بالجملة ربما يشجع على ممارسة الغش التجاري لاحقا من خلال إعادة تغليفها وتزييفها بالماركات العالمية وترويجها وبيعها بأعلى الأسعار ، ولا نعتقد إن ترويج وبيع وتداول هذه السلع ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي ليلا ونهار بعيدا عن منأى ومعرفة وعلم الأجهزة المعنية في البلاد ، التي يفترض أن تكون العين الساهرة والحامية للجمهور والمانعة والرادعة باغراق أسواقنا المحلية بالزبالات العالمية من ثرواتنا الوطنية .

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات