مرة أخرى يعود الإرهاب وكما متوقع له أن يفعل ليضرب في قلب أوربا النابض فرنسا وفي مناسبة مهمة يحتفل بها الفرنسيون والسياح الأجانب وفي نيس المدينة الجميلة على البحر والوادعة وبشاحنة تحمل برادا يقودها إرهابي عربي من تونس، ويقتل العشرات ويصيب أضعافهم، ثم يقتل كالعادة بعد مواجهة مع الشرطة.
طيلة العام الماضي والعام الجاري تشهد فرنسا عمليات إرهابية منظمة تتراوح بين التفجير والإقتحام لمراكز تجارية وثقافية وإحتجاز رهائن ومهاجمة سياح ومؤسسات صحفية، ويكون المنفذون من العرب وبالتحديد من دول شمال أفريقيا العربية كتونس التي تصدر عشرات الإرهابيين الى مختلف بقاع العالم كل عام ومن بينها دول عربية مبتلاة بآفة الإرهاب كسوريا والعراق اللتين أعلنت باريس أنها ستستمر في التواصل معهما لمواجهة الإرهاب، والحصول على المعلومات المتعلقة بالمجموعات المسلحة التي تهدد المصالح الغربية.
الغريب إن الدول الغربية تفصل بين مصالحها الحيوية على المستوى الأمني وتلك المصالح المتعلقة بالحصول على المزيد من الأموال، فهي تعمل جاهدة على مواجهة العنف لكنها تشكو من ضعف التنسيق وتعلم جيدا إن مستودعات العنف والتفكير المتطرف تتوافر في دول حليفة لها لكنها توفر ضمانات مالية لأوربا وأمريكا من خلال شراء الأسلحة والمعدات الثقيلة وفتح الأسواق التي تغري السياسيين في الغرب فيتجاهلون مصير شعوبهم برغم يقينهم من وجود دول بعينها تلعب على الحبلين وبقبح متناه.
باعت فرنسا خلال السنتين الماضيتين أسلحة بمليارات عدة من الدولارات الى دول بعينها تعمل على تقويض نظم في المنطقة وتوجه تلك الأسلحة الى منظمات كداعش والقاعدة التي تقتل الناس العاديين وتدمر المدن وتسقط الحكومات وتحدث الفوضى، وهناك دول تشن حروبا شعواء على دول ضعيفة وهي تستخدم أسلحة أمريكية وفرنسية وبريطانية حيث تطالب الأمم المتحدة بتوضيحات من تلك الدول على قتل أطفال كثر في حروبها التي تستعمل فيها الأسلحة الفرنسية الفتاكة.
الإرهاب والعنف الذي ضرب وسيضرب فرنسا يتطلب منها مغادرة دائرة النفاق السياسي الذي جعلها ضحية للإرهاب حالها في ذلك حال العراق وسوريا وسواها من دول عانت من منظمات إرهابية مدعومة من دول حليفة لفرنسا. فهل ستفعل باريس ما يجنبها المزيد من العار وهي ترى مواطنيها جثثا متناثرة في الطرقات؟ أشك في ذلك.