اسوأ ما لاحظته بالتهاني الرسمية للاخوة المسيحيين ، ان مرسلي التهاني من قيادات احزاب الاسلام السياسي الذين يقودون البلاد منذ عقدين من الزمن ، هم انفسهم المسؤولين مباشرة عن كل الانتهاكات ضد المسيحيين ما ادى الى تناقص اعدادهم من مليون وربع تقريبا الى نحو 850 الف والعدد في تناقص بحسب احصاءات تقديرية .
وتأكيداً لذلك قال بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم، لويس روفائيل ساكو في آخر بيان له مع نهاية العام المنصرم( 22 تشرين الثاني ) ” ان هناك تجاوزات على المسيحيين العراقيين وإقصاء متعمّد لهم، مشيرا الى ان عشرين عائلة مسيحية تغادر العراق كل شهر” واضاف أن “أكثر من نصف المسيحيين هاجروا، والباقون مدرجون على قائمة الاحتياط، بسبب عدم الاستقرار وغياب تكافؤ الفرص وعدالة القانون”!!
ولفت ساكو الى أن المسيحيين يعيشون حالة من الإحباط بسبب قوانين الأحوال الشخصية التي وصفها بـ “المجحِفة” ، مؤكداً تعرض بعض المسيحيين لـ “حالات موجعة” من التضييق والظلم في المؤسسات والمناصب العامة، مشيرا الى عدم الالتزام بقانون تعويض الموظف المسيحي بمسيحي “بسبب الطائفية والرشوة والاستحواذ على الوظائف”!
السؤال :
من يمارس كل هذه الانتهاكات ضد المكوّن المسيحي الاصيل في البلاد ؟
لنكن منصفين فان الهجرة والتهجير وغياب الحقوق مسطرة على كل العراقيين سنتهم وشيعتهم ومسيحييهم وكردهم وتركمانهم وآيزيديهم وصابئتهم وهم في مرحلة الانقراض من البلاد ، لكن الحقيقة التي يجب ان لاتغيب عن البال او يجري تضليلها هي منهجية السلوك التمييزي والاقصائي المخالف حتى للدستور بمساواة المواطنة ، الذي تمارسه احزاب النفوذ الاسلامية وان بشكل غير مباشر ، وهو ماعبر عنه البطريك ساكو في آخر لقاء تلفزيوني له قبل نهاية العام الماضي ملّوحاً بامكانية تدويل القضية المسيحية في حال استمرار الوضع على ما هو عليه !!
حتى انه تساءل بمرارة وحزن عميقين:
“اذا لا ترغبون في بقائنا مواطنين متساوين في بلدنا العراق، فقولوا لنا صراحةً، لندبِّر الأمر قبل فوات الأوان” !!
لاأحد ييستطيع اتهام ساكو بانه من اذناب النظام السابق ولا هو عضو قيادي في حزب العث وليس من اولاد السفارات ولا من ابناء الرفيقات وليس جوكرياً ايضا !!
تصريحه الخطير بالتدويل نتاج واقع يراه بأن مآلاته تهدد الوجود المكوناتي للمسيحيين في العراق وهم ابناء البلاد الاصلاء ولايستطيع أياً كان ان يزاودهم على ذلك .
وقالها صراحة ان العراق ربما سيفرغ تماماً من المسيحيين في السنوات القادمة وعندها لن يكون هناك وطن اسمه العراق !
التهاني شيء بروتوكولي نفاقي الى اقصى الحدود وسلوكيات المشهد الواقعي للمسيحيين يختلف تماماً عن الجمل النفاقية الجميلة ودعوات السلام والتعايش المشترك..!
الحقيقة صادمة دائما والرجل ليس من دعاة اثارة الفوضى وخلق الازمات أو تهويلها ، وتلك الحقائق قالها للمسؤولين وجلّهم من احزاب الاسلام السياسي وبيدهم صولجان الحكم والمحكومين ، والنتيجة كما قالها حقيقة من حقائق الوضع المسيحي في العراق ..
تزويق الكلام وتسويقه اعلاميا لن يحل هذا الاشكال ، والحل الجذري لكل المشكلات المكوناتية في البلاد ، حتى خارج المشهد المسيحي منفرداً ، هو في بناء دولة المواطنة الحقيقية ، بغير هذا الحل الجذري لن تنفع التهاني النفاقية في الخروج من هذا النفق مجهول المآلات !!