18 ديسمبر، 2024 9:33 م

نـــــــــــــــــــــــــــون

نـــــــــــــــــــــــــــون

مدينة جديدة بأنتظاري ربما , مغامرة أخرى لما اتهيأ لها بعد , ليلتي الاخيرة اقضيها بين جدران غرفتي مثل جثة هامدة في تابوت تنتظر طلائع الفجر لتعود بشوق لآحضان امها الارض .
ثمة اصوات وتمتمات غريبة تحيط بي… هذه الليلة أحسها فاجرة في لؤمها , حارقة في نحيب وحدتها , خانقة في صخب صمتها …وانا وسط الظلام أتطلع بصمت مقدس…الكل مفجوع بالواقعة …اصبحت لا أدرك ما اذا كانت اطرافي تستجيب لأوامر دماغي الذي اصبح يدق ناقوس الخطر من الشلل الفكري والعجز الحركي تحت وقع ما اسموه قسرا بأتباع حرف النون (ن) .
نون نون نون …. نون والقلم ومايسطرون … وياليتهم سطروا …
نون نون نون … والخوخ والرمان والورد والريحان … نون نون نون … وانا في لحظاتي الأخيرة أنون على ما سوف يفعلون عندما ارفض ان اترك لهم كل شي تحت حجة حرف النون .
ينتفض جسدي مثل طير مذبوح للتو …دخان سكائري احسه مثل افاع تلتف حول رقبتي وتصرخ في وجهي انت ملعون … ملعون …لماذا ؟ هل اصبحت غرفتي تتأمر ضدي ؟ أم تراها التزمت الصمت الابدي أمام مايحدث ؟ أم تراني اهذي بسبب حمى حرف النون ؟
الساعة تصرخ صرختها الثالثة وتشهق خائفة وتموت الى الابد … مازلت اتطلع بصمت الى الظلام
ثمة اصوات تكبير وتهليل اسمعها من بعيد ها هي ذي تقترب نحوي… سوف تأتي وتلقي بلعنتها وتحولني الى حمل يذبح ودماؤه تصبح قربانا لآله شرير .
سئمت من كثرة علامات الأستفهام والتعجب التي تدور في افلاكي  … لم لا اتحول الى مجرد انسان  الي لا يعي ما يجري من حوله من نظريات الموامرة يعلف ويشرب وينكح ما ملكت ايمانه وينطفيء  كغيره من الأموات ليصبح طعاما هو الاخر تقتات على اشلائه كائنات اخرى ؟
نون نون نون …وماتعلم بما نحن به من دمار أتون … وما سوف نفعله…. ان نضعك في وسط الآتون … ونرقص ونهلل من حولك في طقوس غامضة .
اني اهلوس الآن … تختلط في دواخلي الرؤى…غدا عندما يدق النهار شباك غرفتي سوف يتفاجأ باني  قد كتبت له ورقة وداع الى جهة مجهولة حتى أنا لا أعرف الى اين … ؟
هل قدر لنا ان نكون عبارة عن كلمات وسطور خالية المعنى في كتاب الحياة ؟ وأي مرض خبيث هذا
الذي يجتاحنا ويجري في دمائنا ويعيق نمو الحياة فينا ؟
أي قوى غبية تقودنا الى قتل بعضنا البعض على اساس رضا رب العالمين …وأي رضا هذا؟
متى نظل صامتين على الظلم والاستبداد ؟ متى نتوقف عن قتل ذواتنا وقتل الروح التي تحيا فينا؟
نحيا لنموت من جديد تحت شمس حمراء صنعوها خصيصا لنا , أنبحث عن امان في بلاد الشياطين الزرق وحفر النار ؟
اصبحوا يلهون بنا , يسنون قوانينهم الخاصة ونحن نتبعها كدمى غبية صامتة واذا سأموا منها القوها في النار.
نون نون نون ماهذا الجنون ؟ وتتوالى من حولي المنون والظلام يتشرنق بهدوء ….
أقرر أن أبحث عن شمعة لآلعنه بها … أجد الشمعة مختبة في احد ادراج غرفتي كنت قد وضعتها هناك ونسيتها لست ادري لماذا وضعتها هناك ولماذا نسيتها …ها هي ذي … سوف اسميها شمعة نون ولتكن هي ملهمتي في لحظات ضعفي ورمز انتصاري عليهم .
احتضن جدران غرفتي والمسها احسها باردة…اقترب والصق وجهي نحو الجدار احس بنبضه الضعيف انه يحتضر وبصمت .
انظر الى الساعة واكتشف بأنها ميته فعلا …حزين أنا لاني سوف ارحل ..اذن اصبح الزمن ازلي وانا اعيش لحظات الوداع الاخيرة وانتظر بصبر فالصبر لغتي .
 لا اريد ان ارحل رغما عني …لا اريد ان اترك لهم عالمي المملوء بالأمل .
 لا اريد ان اترك لهم مكتبي التي طالما كانت شاهدا على لحظات قوتي وضعفي .
لا اريد ان اترك قصاصات الورق وبعثرتها لهم .
لا اريد ان اترك جدران غرفتي المملوءة بضحكاتي وأنيني السري.
لا اريد ان اترك حتى جثث سكائري
لا اريد ابدا
اني اهلوس بصوت عال ولا احد يسمع صراخي وسط صرخات الجموع الهاربة الى باب غرفتي ,هل اقترب موعد الرحيل ؟ لا جواب …عندما يأتون سوف لن اسمح لهم باغتصاب غرفتي وعالمي سوف اقف صامدا أمامهم هكذا … ربما انتظر معجزة من زمن مجنون …. ربما ؟
ولكن من ذا الذي انادي في هذا الليل اللئيم ؟
نفسي حزينة حتى الموت … جسدي أعلن وقائع موته واصبح ينتظر الجلاد ليات ويتلو عليه أياته .
فجاة تنتفض شمعتي امامي تعلن عن تمردها وغضبها من الموت اللاشرعي …تدب فيها الروح وتنير  …يكبر نورها ويتسع … يتسع أكثر وأكثر ليملآ غرفتي بل اصبح يملأ الحي الذي فيه غرفتي ايضا….ينير الظلام …يكبر ليجتاح مدينتي أكثر …بتموجاته وأشراقاته .
أنه النور…نار ونور…النور الان يملأ المكان … يملأ الزمان …
سوف لن ارحل …