من كثرة أستخدامه لكلمة نطالب صار أبناء المحلة يسمونه ” نــطــالب”، وعائلته ” بيت أبو نطالب”، وشارعهم أصبح شارع بيت ابو نطالب ، حتى المحلة صارت محلة بيت أبو نطالب” !!! بسبب ألم العراق ..وشبح الفــقـر …بسبب الوضع السياسي المضطرب في العراق…بسبب المأساة….بسبب الجنـــــدية الطويلة التي خدمها سابقا وأخذت زهرة شبابه دون تعويض لامادي ولانفسي…بسبب ذهاب عمره هباء عبثا في حروب عبثية مجانية…. أصابته حالة نفسية ولكنها خفيفة غير متأزمة كانت تدفعه الى الوقوف في أطراف المحلة محدثا نفسه.. رافعا سبابته…مرة فوق….مرة الى الأمام….مرة الى ألله…الى السماء…ومرة يشير بها الى نفســـه : أطالب….نطالب…يطالب …تطالب….أطالبكم…..نطالبكم….يطالبكم…..تطالبكم…. كأنه يشير الى مجموعة من الناس مفترضين!! مرة وهو” يــطـالـب ” أنفجرت سيارة مفخخة لطمه عصفها في الجدار القريب فتأزمت حالته النفسية كثيرا…أستفاق من غيبوبته فنهض ولكن مضطربا جدا..وكعادته رفع سبابته وهو يصرخ هائجا …ثائـــرا: نطالب وأخذ يركض في الأزقة…..تبعه بعض الصبية ممن أمّلوا النفس بمتعة ملاحـقة المجانين…في الزقاق الآخر تبعهم صبية وناس آخرون…في المحلة الأخرى كثر عددهم وهم يصرخون خلف المجنون ” نطالب”…هو يصرخ نطالب……وهم يصرخون نطالب..في المدينة الأخرى أستطال شريط الراكضين خلف نطالب وكلهم يصرخون نطالب….حين صار العدد بالآلاف وهم يصرخون نطالب…..وجلهم لايعرفون الرعيل الأول ألتحق بهم آلاف آخرون فصاروا أنتفاضة كلها تصرخ كلمة واحــــــدة نطالب ….حين بلغت الملايين صاروا ثورة…..نجحت فأصبح نطالب دولة دون أن يشعر !!!حين لزم عليه أن يعالج نطالب الآخر الجديد لم يستطع… فشل فشعر بأن ” نــــطالب ” من السهل لفظها ولكن تطبيقها ليس سهلا…وحتى يمكن معالجتها لابد أن تبدأ بمن يطالب بها….عليه أن يتغير هو أصلا ويطالب نفسه بالتغيير… ثم يطالب الآخر بأن يتغير….أدرك بأن أبوة الدولة مطلوبة نعم.. وواجب.. ولكن علينا نحن ” الناس…الرعايا” أن نتغير حتى نطلب التغيير….في اليوم الثاني ظهر ” نـــطالب ” آخر عند قارعــــة الطريق فلم يكترث الناس كثيرا به ولم يعبئوا لسبابته….. فظلّ يطالب الى أن مات فقرأوا عليه سورة الفاتــــــــحة….