بعيدا عن السمسرة والمزايدات والنزاعات والصراعات السياسية الحالية , تقتضي مصلحة الشعب العراقي – الآن – حسم قضية نائب رئيس جمهورية العراق “طارق الهاشمي” , باسرع ما يمكن, عن طريق القضاء, ووفق المحاكمات الاصولية , لان بقاء القضية معلقة هكذا يضر بوحدة العراق واستقراره ويُفقد الشعب العراقي ثقته بسلطاته الثلاث ” القضاء, الحكومة , البرلمان ” اضافة لاضراه بمصداقية رئاسة الجمهورية . ان بقاء القضية معلقة تسمح بتدخلات داخلية وخارجية “هي قطعا في غير صالح البلاد” , واذا لم تُسْقِط النظام السياسي برمته فانها تربكه وتفقده المصداقية والمسؤولية . فالهاشمي ليس شخصا عاديا, انه نائب رئيس الجمهورية أي – حارس الدستور ومصالح البلاد – فاذا كان الهاشمي بريئا فان بقاءه متهماً لا يضر بشخصه فقط, بل يضر بشرف وسمعة ورموز البلاد . واذا كان الهاشمي مجرما او شريكا في الجرائم الموجهة اليه , فان بقائه هكذا دون محاكمة هي خيانة عظمى للشعب الذي وضع ثقته بسلطاته الثلاث , ولا تنحصرالخيانة في السلطات الثلاث بل تشمل حتى رئيس الجمهورية “جلال طلباني” الذي يستضيف الهاشمي ويمنحه الحماية في اقليم كردستان .
والحال هذه , اذا كان الهاشمي مجرما فان طلباني شريكه في الجريمة مادام يحميه , وان اقليم كردستان سيتحول بفعل الطلباني الى ملجأ للمجرمين , وتكون هذه الجريمة مكملة للجرائم التي ارتكبت في هذا الاقليم بحق المعارضة والاعلام ودعاة حقوق الانسان على يد سلطات مسعود برزاني , الجرائم التي سببت انشقاق ساسة الاقليم . اذاَ, القضية تضر بالعراق بشكل عام وتضر باقليم كردستان بشكل خاص . واذا كان حماة الهاشمي وانصاره السياسيون لا يثقون بالقضاء العراقي ولا بالحكومة, فبأي قضاء وحكومة تراهم يثقون !؟ ولماذا شاركوا “اصلا” في كل السلطات !؟ ولمَاذا هم مستمرون بهذه الشراكة !؟
لو كان الهاشمي من عامة الناس قد نجد عذرا للتشكيك بالقضاء , ونقول ان ليس للهاشمي من يدافع عنه . ولكن رجل بهذا المنصب الرفيع ما كان ليكون فيه لولا وجود كتل سياسية وجمهور واسع وبرلمان ووسائل اعلام واموال وقدرات مالية ومعنوية وراءه , وهي اكثر جاهزية الان لان تدافع عنه في المحكمة وتستطيع اثبات براءته اذا كان بريئا . اما قول البعض بان الجميع ارتكب جرائم بحق الشعب العراقي فلماذا يُحاكم الهاشمي دون غيره ؟ فان في هذا القول تهمة صريحة بالخيانة العظمى , لجميع السياسين , وعلى الشعب ان يحاكمهم وان يُقدم للقضاء كل سياسي توجه اليه تهم مقرونة بادلة تشير الى ارتكابه جرائم , وان تجري محاكمته علنا ” امام الشعب” لانه شخصية عامة .
الشعب لا يريد محاكمة سياسية للهاشمي , لان في تلك المحاكمة خرق للدستور والقوانين النافذة, ناهيك عن الصفقات السياسية المشبوهة التي تقوم عليها تلك المحاكمات, والتي تكلف الشعب اضافة لكلفة الجريمة كلفا اخرَ, هي التستر على جرائم وفساد هما اعظم واكبر من القضية نفسها . والشعب لا يريد للهاشمي محاكمة طائفية , لان في هذه المحاكمة ظلم عظيم وضرر كبير في مصلحة الشعب العراقي قد يؤدي الى صراع وحروب اهلية تذهب بالعراق الى الابد من خارطة العالم . والشعب لا يريد لمحاكمة الهاشمي ان تكون منقطعة عن محاكمة متهمين آخرين بالجريمة والفساد واستغلال المنصب وغيرها من الجرائم . الشعب يريد من محاكمة الهاشمي بداية لتنظيف الساحة السياسية من المجرمين والفاسدين ومن شاكلهم . وعليه فمن واجب المالكي بصفته رئيس الوزراء ان يقدم للقضاء كل ما لديه من ادلة جنائية ضد أي رجل دولة , وعلى البرلمان ان يراقب اداء ونزاهة المالكي وان يحاسبه اذا قصر في ذلك وان يُقيله متى رأى ذلك في مصلحة للشعب العراقي , وان يقدم البرلمان للقضاء أي دليل يدين المالكي بالجريمة او الفساد او استغلال السلطة . وعلى حارس الدستور وحامي مصالح البلاد – رئيس الجمهورية – العمل على تطبيق الدستور والالتزام به من قبل الجميع وان يبادر قبل الاخرين بتطبيقه على نفسه وعلى نائبه طارق الهاشمي . وعلى القضاء ان يقول كلمته الفصل في كل القضايا التي تُعرض عليه دون استثناء , وان يعلن للشعب عن اية شخصية او جهة تتدخل في عمله وتخرق استقلاليته . والحال هذه, اذا لم تحسم قضية الهاشمي ولم تُفتح القضايا الاخر المشابهة لها, فان الشعب العراقي سوف يسحب ثقته بكل الفرقاء السياسين , وسوف ينظر الينا الاصدقاء قبل الاعداء من شعوب وحكومات العالم باننا بلد يرعى الجريمة والفساد , وليس بلدا ديمقراطيا يسعى الى العدل والمساواة والمدنيّة والتحضّر.وحينها على العراق السلام .