10 أبريل، 2024 7:21 ص
Search
Close this search box.

نعم أخي شوان لقد خرجت من الموضوع

Facebook
Twitter
LinkedIn

ترددت كثيرا في كتابة هذا المقال ذلك أنني لم اتعود لغة الجدل الذي لا طائل منه ،  ‏ولا أحب الخوض في ما نختلف فيه في وقت نحتاج إلى أن نتفق من أجل ‏أزمتنا التي نمر بيها ، ‏وظروفنا الاستثنائية التي تتطلب منا الوقوف صفا واحدا من أجل مواجهة خطر الإرهاب الذي يهدد وجودنا جميعا .
‏غير أن أخي النائب شوان وبعد أن استطرد في مقاله في الحديث عما ينبغي وما لا ينبغي وما يصح وما لا يصح أردف قائلا : ولعلي خرجت من الموضوع …  وهنا أود أن أؤكد لسيادة النائب ما كان يحذر منه وأقول له :  نعم لقد خرجت من الموضوع  .
‏كنت آمل أن يتم الحديث طويلا عن ظاهرة التكاتف والأخوة ووحدة الصف العربية الكردية التركمانية التي جسدها الكركوكيون حين تصدو لجماعات الإرهاب التي أرادت بالمدينة شرا ، ‏وأن لا يتم تصنيف العرب على أنهم في صف الصامتين على أحسن أحوالهم ، ‏وكنت آمل ان لا يقع أخي النائب شوان بمثل هذه المغالطات التي لا يمكن تفسيرها الا أنها خرجت من مضمور مكنون لا يدل على حسن النية ، ‏ولا ينطلق من مبدأ التكافؤ في المواطنة بين العراقيين الذي ضمنه لهم الدستور ، ‏وكنت آمل قبل هذا وذاك ان لا نقع في فخ النبش في الفتنة النائمة التي لا يحصد موقضها الا على لعنة الله والنَّاس ، والتي لا يتورط فيها الا كل حاقد او جاهل او صغير ، فالكبار لا ينتظر منهم الا كل كبير من الحكمة والرأي وحسن التدبير ودرء المخاطر واستجلاب المنافع للشعب الذي وقع ضحية الارهاب وحاطبي الليل على حد سواء .
‏( العضة بالجلال ) هكذا يقول اهلنا حين يقعون بين امرين احلاهما مر وحين يجدون أن الحديث في ما يوجعهم أقسى من الصمت عليه ، وهنا اجد نفسي مضطرا لاستعارة هذا المثل الشعبي الذي سمعه السيد النائب من أخواله الجبور او العبيد او اي عربي كركوكي تعايش معهم اجداده فكثيرا ما كانوا يرددونه ، فهو دليل حلمٍ وصبرٍ وتحملٍ للجار الجائر او القريب الغادر ، ولكنني في ذات الوقت اجد من المسؤلية ان لا اسكت عن باطل يؤسس لمنهجية مغالطة تاريخية قد يذهب فيها “الأخضر بسعر اليابس ” ويتهم فيها البريء ويؤخذ فيها المستقيم بجريرة المنحرف ويعمم فيها الحكم على أمة من الناس وقوم كان لهم عصا السبق في الوطنية عبر التاريخ الذي لم يقرأه الأخ النائب او ربما لا يعجبه ان يطلع عليه . 
‏عليك ان تعلم ‏إن صبرنا في المرحلة الماضية كان انطلاقا من سياسة مد الجسور لحل المشاكل لأننا لا نؤمن بفكرة كسر العظم والحلول القسرية ولكننا مع ذلك لن ‏نكون شهود زور على ما يجري من سياسات شوفونية وتهميشية ضد المكون العربي والتركماني ، ‏وأن لصبر الحليم حدود وغضبه بعد ذلك غير محدود ، ومن هنا كانت الحاجة لإيضاح كل ما التبس على اهلنا بين فكرتي الخنوع والحلم ، حيث تعرضنا في المرحلة الماضية الى تحمل كيل التهم من قبل المظلومين والموجوعين من سياساتكم العنصرية على اننا راضون على ما يجري املا في ان نصل معكم الى بر في هذا الخضم المتلاطم من التجاوزات .
هل تستطيع اخي النائب ان تخبرني عمن هدم قرى العرب وجرفها ليذرها قاعا صفصفا وانت تسمي هذه الأفعال بمزاج بارد بالاخطاء وحسب ، وهل تعلم عبر التاريخ من مارس سياسة التجريف وتهديم بيوت الفقراء وعامة الشعب لا لشيء الا لانه من عرق او قومية او دين مختلف ، فإن كنت تدري بأن احزابك وأجنحتها النخريبية هي من فعلت فتلك مصيبة وانت كنت لا تدري وانت قاصر عن كف يد من فعلها فالمصيبة اعظم .
ان ما جرى في ” دگة كركوك ” الداعشية لا يخفى على كل منصف فالمنفذون متسللون  وليسوا مندسين من النازحين ، وكل ادلة الوقائع تدل على ذلك ابتداءا من سمة اللحية والشعر الطويل التي تميز الدواعش والتي لا يمكن ان تكون لنازح في كركوك يراجع الدوائر الأمنية في الأسبوع مرتَين ليثبت براءته من من التهم الجاهزة التي توجه اليه ، فمتى نضجت لحيته وشعره وهو تحت الأنظار ، الا اذا تسللت من ارض الدواعش لحظتها ، وغير هذا فالدماء التي نزفت والارواح التي ازهقت تدل على حقيقة الموقف وميزان العدل في الحكم عليه ، وهل تعلم يا سيادة النائب ان من استشهد في كركوك في هذه الواقعة الإليمة بلغ عددهم ١١٤ شهيد بينهم ٤٢ شرطي منهم ضباط بينهم خمسة عرب و ٣٧ عنصر أمني منهم ٩ من المكون الكردي و ٢٨ من المكون العربي و١٣ شهيد من الأسايش و ١٩ من البيشمركة و ٦ مدنيين من العرب وتركماني واحد و ١٦ موظف من العرب و ١١ استاذ وطفل واحد وثلاثة طلاب رحمهم الله جميعا ، كما كان الموقف من داعش ٩٣ قتيلا حيث قتلوا جميعا في المناطق العربية من قبل القوات الأمنية والشرطة والمدنيين حيث قتل منهم ٦٨ داخل كركوك والبقية قتلوا في القرى العربية خارج كركوك .
وهل تستطيع ان تخبرني يا سيادة النائب عن السياسيات الشوفينية التي يستخدمها ” جماعتك ”  ضد العرب من عدم تعيين العرب حتى أولائك الذين يملكون سجلات ١٩٥٧ ومنعهم من التملك في كركوك من قبل الإرادة المحلية ومنع العربي من ان يكون له محل دلالية أراضي ، ومنع النقل الى كركوك للعرب بل وحرمانهم من بطاقات الوقود ، وسلسلة اخرى من الحرمانات على المواطن العربي والتركماني الجنونية التي تخالف الدستور والقانون وتوجيهات مجلس الوزراء بصدد الموظفين النازحين .
ان ما يجري في مخيمات النزوح يا سيادة النائب من إهانات متعمدة ضدهم يندى لها جبين الأنسانية حتى يصل الامر بمراقبة الدخول والخروج وكأن من بداخله سجناء جرائم كبرى وليسوا ضحايا الاٍرهاب من أبناء الوطن ، فهل فعل كل هذا صدام وعلي حسن المجيد ، وكيف كان مصيرهم وهل يتمنى من يسير على منهجهم الا ذات المصير من الله والتاريخ والقانون الدولي .
اخيراً أمامنا فرصة ان نستدرك ما جرى من خلال تجديد النية الصادقة والمخلصة للشروع في نهج جديد وجاد يبدأ من اعتذار السيد النائب من تجاوزاته التي استهدفت شعبا كاملا وليس مكونا بذاته او جهة سياسية ، وان يدرك أن “الفقاعة” التي يتحدث عنها هي في الحقيقة بركان غضب لأمة من المستضعفين ، ترفض الركوس الى هذا المستوى الضحل من الخطاب المفرق المشتت وليس الجامع ، وان يشرع ذوي الشأن من اصحاب القرار بالتصحيح الحقيقي لهذه الممارسات المرفوضة شرعا وعرفا وقانونا .
وعما قريب سيعلم من أخطأ بحق كركوك ان اَهلها الحقيقيون هم حماتها الافذاذ وان الغرباء لن يكون لهم موقع اذا ما ادرك ذوي القرار ان الحفاظ على مكونات كركوك هو خط الشروع لحمايتها من التفكك والتمزق .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب