23 ديسمبر، 2024 12:31 م

هؤلاء مجموعة من الرعاة اشتركوا بنعجة ليروا انفسهم من اصحاب الاموال والمواشي، احدهم قال ننتظر موسم السفاد لنزاوجها فتنجب لنا خروفا، ونكون قد وفرنا ثمن نعجة اخرى، والآخر قال: نرعاها حتى تسمن ونبيعها فنشتري بثمنها نعجة وخروفا، وهكذا تعاهدوا ان يخرجوا لرعيها يوميا، حتى كاد الجوع ان يقتلهم لان ماتقدمه النعجة لايكفي لسد رمق المجموعة، فافتضح امرهم وشاهدهم اهل القرية، فقالوا: (نعجه والف راعي)، فانبرى الشاعر لهذا الموقف وقال:
(نام الخلي وناظري بس للنجم راعي…… ارعاك وانته اصبحت لهل الغدر راعي
ماحسّبت بجفاك جفني للسهر راعي…….. ذنبي انه الماردت اترك هواكم وردْ
ساجيت ارض الصبخ من دمع عيني ورد…. اصلك طلع شوك وانه احسب بعودك ورد
صح المثل وانضرب نعجه والف راعي)
هذه الحكاية تنطبق تماما على من يحكم الشعب العراقي، حيث نرى ان الحاكم يكاد يكون اكثر عددا من المحكوم، وان المحكوم لايفعل شيئا سوى الامتثال لرأي هذا وذاك، في البيت محكوم، وفي الدائرة، وفي الشارع بدءا من السيطرة الى رئيس الوزراء الى رئيس الجمهورية الى القائد العام والقائد الخاص، وهناك من القادة ماتتعب حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليل، وهكذا تستقبل الصباح باوامر وتنتهي من اليوم باوامر، رئيسك في العمل ورئيسك في الوطن الذي لم يعد يستوعب احدا، بصراحة اكثر لقد ضاق العراق علينا، او انه لم يعد يطيقنا ونحن لم نعد نطيقه.
العشائر تحكم والمليشيات تحكم، والحكومة تحكم، ورئيس المجلس البلدي يحكم، والمحافظ الخادم يحكم، ورئيس مجلس المحافظة يحكم، والشيخ المعمم يحكم صاحب العمامة البيضاء، والسيد المعمم صاحب العمامة السوداء يحكم، والمدير يحكم، والجميع يحكمون على الجميع، ناهيك عن رئيس مجلس النواب والنواب، ورئيس الوقف الشيعي ورئيس الوقف السني، ومدير المخابرات ومدير الاستخبارات، وفيلق بدر وكتائب عائشة، وجيش الاسلام وجند الاسلام والقاعدة، وجيش محمد وجيوش اخرى لاتعد ولاتحصى اضافة الى الكتائب والالوية، ومن المحكوم ايها السيد المبجل( العراق)، من يحكم من ؟، لم اقرأ تعريفا للديمقراطية يقول: انها تسلط السيوف من جهات عديدة على رقبة المواطن البسيط، كل واحد يصادفك يطلب الهوية، او هوية الاحوال المدنية، لكنني علمت اخيرا لماذا يفعلون هذا، لانهم يتمسكون بحكومة الاغلبية الحاكمة، مع العلم ان اكثر الذين يموتون هم من الاغلبية، ويقابل هؤلاء الشعب الصامت، الذي لم يدافع عن الملك ضد عبد الكريم قاسم، في حين كان يعتقد ان الملك رجل هاشمي وهو من سلالة النبي، وتغزل به هذا الشعب ايما غزل، ولم يدافع عن عبد الكريم قاسم وهو يقدسه حد العبادة، ولم ينبس ببنت شفة من اجل عبد الرحمن او عبد السلام، وصمت طويلا بزمن صدام الذي وضعه على المحك واخرجه الى ساحات القتال بالقوة، وهو يقول انه يدافع عن الوطن، وصمت في زمن الاميركان الا من كان يقاتل من اجل غرض سياسي، اعني ان الصوت الشعبي غاب ابان الاحتلال، الشعب جميعه شعراء، وجميعه متدين، واغلبه لصوص، واكثره قتلة،فقط باستثناء الفقراء اصحاب الايدي البيضاء، والغريب في الامر كل من حكم العراق خرج في النهاية منه صفر اليدين، لانه يدان وتصادر امواله وتتشتت عائلته، اما البطانات فهؤلاء اول المستفيدين وكم بطانة لدينا حاليا، لكن الخطأ ان الفقراء صامتون لايريدون المطالبة بحقهم، في حين ان السياسيين اخذوا كل شيء، لتبقى القضية واضحة فنحن لانحتاج لهذا الكم من الحكام لان الفقراء ديدنهم الصمت، والآخرين اخذوا من حقهم وفوق، والنتيجة نعجه والف راعي.