17 نوفمبر، 2024 7:30 م
Search
Close this search box.

نظر قاصِر وحَظّ خاسِر

نظر قاصِر وحَظّ خاسِر

كتب أحدهم، وهو من الحركيين الاسلاميين سابقاً، ومن المعروفين بآرائهم الشاذة حالياً،يُنَددّ بظاهرة مشاركة الصبيان والفتيان في مجالس العزاء الحسيني ،وبقائهم فيها الى ساعات متأخرة من الليل، فيما تنتظرهم ساعات الصباح الأولى للذهاب الى مدارسهم فهل يرضى الحسين بذلك ؟
والكاتب المذكور، يعيش في بلد غربيّ، دَلّت الاحصائات على أن أكثر سكّانه الاصليين هم من الملحدين ….
الذين ناقضوا فطرتهم، وتجردوا من كل القيم الروحية، فكانت نسبة الانتحار عندهم من أعلى النسب في العالم .
ومن الواضح ان الانتحار ليس مرده العوز والحرمان، وانما الخواء الروحي وفقدان الايمان ….
والكاتب المتألم من المشاركة الفاعلة للصبيان والفتيان في المجالس الحسينية، يُغمضُ عينيه عن الظروف التي يعيشها هؤلاء الفتيان في تلك الديار القاحلة إيمانياً ، والعامرة بكل ما يُفسد الأخلاق ، ويشجع على الانفلات .
ان معركة الطف شَهدَتْ بطولاتٍ فريدة ، كان فرسانها من الفتيان .
فما قولك في (القاسم بن الحسن) وهو غلام لم يبلغ الحلم .
لقد أبلى في المعركة بلاءً مدوّيا في تاريخ البطولات كلها، وقاتل ببسالة حتى استشهد .
وفتيانُنا حين يحضرون المجالس الحسينية ،ويستمعون الى تلك الوقائع والروائع، يفتحون قلوبهم واسماعهم، على عالمٍ زاخر بالقيم والدروس الملهمة، فيتأثرون بها وتنطبع في نفوسهم وتترك فيها أنصع البصمات ..
لماذا يغضبُ (الكاتب) من مشاركة الفتيان في المجالس الحسينية، ولا يغضب حين يرى سهراتهم المتواصلة – على مدى ليالي الاسبوع – مع المسلسلات ،التي تطفأ جذوة الروح فيهم ، وتحولهم الى كُتل لاتعرف الا لذاذة الغرائز ؟!!
اننا نرى ان مشاركة الفتيان في المجالس الحسينية مطلوبة في كل مكان، مطلوبة في ديار الاسلام، ومطلوبة في ديار الغربة والمهجر، لان هذه المجالس ما هي الا مدارس،تَضُّخُ المعرفة، والثقافة العقائدية والروحية والاخلاقية والانسانية، وتسهم بشدّ الناس الى ينابيع العطاء الحسيني، وهي عطاءات تُدني المسيرة الانسانية الى مرافئ الحرية والعدل والاستقامة، ناهيك عن مفاعليها في تحريك النفوس ضد الظلم والطغيان والانحراف والاستغلال والفساد وكل ألوان الباطل .
ان المجالس الحسينية التي أثارت الكاتب لا تستمر طوال أيام السنة
وانما هي محدودة بأيام معدودات هي أيام العشرة الأولى من المحرم ،
فأذا أسقطنا أيام العطل الرسمية من الحساب، فلن تبقى الا بضع ليال لا يستوجب حضور الفتيان فيها كل هذا الصراخ والضجيج .
لقد اتهم هذا الكاتب الغاضب بمحاولات التقرب الى أعداء أهل البيت، طمعاً بجوائزهم، ولكننا لانريد ان نفتح أبواب الاتهام ، ولا ان نرميه بالسهام، وانما نقارعه بالواضح البيّن من الكلام ….
لقد قرأت لهذا الكاتب قوله :
انني أوصي تلاميذي – وتلاميذه من الصبيان أيضاً – ان يتعاملوا مع (رجال الدين) كما يتعاملون مع الحشرات …!!
يوصيهم باحتقار رجال الدين ..!!
وهنا نقول :
ليس في الاسلام ما يمكن ان يُسمّى ب(رجال الدين) حيث ان المسؤولية عامة ، طبقاً لقوله (ص) :
{ كلكم راعٍ ، وكلكم مسؤول عن رعيته }
نعم ان الاسلام عظّم العلم والعلماء وأولى العلماء مكانة خاصة .
وهناك علماء أعلام ، اختصوا بعلوم الاسلام (فقهاً وأصولاً وحديثاً وتفسيرا ودرايةً ….،
وهؤلاء هم الذين يوضحون للناس أحكام دينهم ، ويبينون مفاهيمه وحقائقه ، فلماذا يدعو هذا الكاتب العاق لتحقيرهم ونبذهم …؟
يبدو انها عُقدة في نفسه ، لم يستطع التخلص منها .
ومثل هذه العُقدة، تحول بينه وبين ان يكون كلامه مقبولاً عند الناس، لانه بعيد عن الموضوعية والعقلانية …
اننا مع مشاركة الصبيان والفتيان في المجالس الحسينية، ولكنا لسنا مع اهمالهم لمتطلبات النجاح العلمي،والشيء اذا زاد عن حدّه انقلب الى ضِّده.
[email protected]

أحدث المقالات