23 ديسمبر، 2024 5:49 م

نظرية داعش في القتل والعنف

نظرية داعش في القتل والعنف

الكل يعرف أن ما يسمى داعش هو الإمتداد التمردي على القاعدة,  والقاعدة هي الأخرى الإمتداد التمردي  على الأخوان المسلمين , وحركة الأخوان تمثل  البؤرة التي تفاعلت فيها ومنها حركات التطرف الجديدة , والجذور التأريخية للإخوان هي الأصولية الوهابية المبنية على فكر إبن تيمية وإبن القيم الجوزية .
هذا الفكر المتشدد دينيا تطور سريعا حين تشكلت منه حركات دينية سياسية  , والغريب أن هذه الحركات ما زالت تلد حركات أكثر تطرفا وتشددا من  سابقاتها والأكثر غرابة أن الوليد الجديد سرعان ما يلعن  سلفه حتى وإن كان ما زال حيا ويهاجم من ولد من رحمه , فالدكتور أيمن الظواهري الأبن البار للإخوان المسلمين سرعان ما أنقلب عليهم  بكتابه الحصاد المر وشكك في جدية حركتهم وأعتبرها قد فقدت هويتها الجهادية بعد أن طورت إسلوب عملها بمنطق سياسة اليوم .  يقول : لقد خرج الإخوان عن النهج الجهادي والإلتزام الحرفي  بمضامينه بعد قبولهم تداول السلطة وتعايشهم مع
 الأحزاب العلمانية وعدم تكفير الحكام . وهكذا فعل مؤسس حركة حماس الشيخ ياسين عندما أعلن ولادة حماس منفردا عن الإخوان وقبله الشيخ  عبد الله قسام الذي  قاد جهاد الإفغان ضد الروس سنين طوال ثم إختلف مع الظواهري وإبن لادن  .
وكما أنشأ الكثير من كوادر الإخوان تنظيمات مستقلة عن الإخوان فإن ما يسمى بخليفة داعش أبو بكر البغدادي قاد آخر إنشقاق عن تنظيمه الإم وأعلن إنفصاله عنه بعد تشكيل ما سماه   الدولة الإسلامية في العراق والشام إختصارا (داعش) و بالمناسبة هو وجميع مرتزقته يجلدون من يسميهم داعش . ويعتبرون التسمية تجاوزا للخلافة ورفضا لها .
لقد قُدر لداعش  أن تُدخل الجهاد الإسلامي بمنعطف قاتل ليس على مستوى عملها  كمنظمة إرهابية بل على الإسلام كدين سماوي عرف ببساطته وتسامحه ورقة تعامله مع نفسه ومع الأديان الأخرى وبذلك تقاطعت مع أعرق مؤسسة دينية هي الأزهر , والسؤال الذي يطرح نفسه من أين جاء البغدادي بكل هذا الكم الدموي في التعامل وهو  الشاب الذي لم يتسنى له العمر أن ياخذ تحصيله الفقهي الكامل ولا عُرف عنه التدين,  كل الذي سجل له إنخراطه بتنظيم القاعدة والعمل مع الزرقاوي  وهذا الأخير هو الأخر ليس له  خلفية معرفية دينية , كل الموضوع هي المغامرة العاطفية حالهم  حال الشباب
 الأوربي الذي يترك حياته المرفهة ويجيء ليقيم في كهف وسط مخاوف الليل وقساوة الحياة . لكنها المغامرة .
 وللإجابة على السؤال أن هذه المنظمات لا ترى الإسلام إلا من خلال العنف والدموية إستنادا على الرؤية العدوانية التي تركها لهم أبو بكر ناجي هذا الرجل الغامض الذي للآن لم تنكشف  حقيقته , كل ما قيل أنه ضابط مصري عمل منسق الشؤون الأمنية والإستخبارية في تنظيم القاعدة وعلاقته بالقاعدة علاقة إيديولوجية وليس تنظيمية  ألف كتابا خاصا في كيفية خلق الأجواء للتنظيم الجهادي في إستلام السلطة من خلال ما أسماه (إدارة التوحش) والمقصود به خلق حالة من الوحشة والإرتباك لدولة معينة في أكثر من مكان مع خلق حالات رعب للسكان بحيث أن تصبح  الدولة غير قادرة
 على السيطرة الإدارية والأمنية ,  وهنا على التنظيم إعلان الإمارة الإسلامية  والقيام بدور الرقيب والقفز على الأحداث وإستلام زمام الأمور وتحويل الوضع من خلق التوحش لإدارة التوحش وذلك ببسط سلطة الادولة الجديدة , وهذا ما قام به الغدادي ويقوم به . إن القسوة التي ينفذونها هي جزء من المتطلب التوحشي , سواء كان الضحية نساء او اطفالا .
كما وقدم ناجي صورة مغايرة لتوجه القاعدة بعمل كبير كتفجيرات 11 سبتمبر وقال ان من الخطأ مهاجمة الدول الكبيرة في عقر دارها بل خلق الفوضى في دول الشرق الأوسط حيث وجود مصالح لأمريكا والغرب وبذلك يمكن سحب رجلها إلى المكان المخصص من خلال التوحش , حتى أن  وزارة الدفاع الامريكية  حين إطلعت على الكتاب ذو 112 صفحة ترجمته للغة الإنكليزية وتم توزيعه على المسؤولين الكبار , ثم قام مركز مكافحة الإرهاب في كلية ويست بوينت العسكرية بترجمته أيضا بعنوان (إدارة الوحشية)  .
إن الصورة التي يرسمها المؤلف لإدارة التوحش هي خلق الرعب والهلع لدى المواطنين وتشتيت ذهن الدولة من  خلال خلاياه النائمة والمستيقظة وهذا ما نراه اليوم من قفز داعش من مكان لمكان ومن بؤرة لبؤرة , وجعل الاشتباك في أكثر من مكان .  لتوليد قناعة عند المقابل بمدى قوتهم لذلك يتساءل الجميع ما هذه القدرة الفائقة  للتنظيم ؟.