قلنا سابقا إن اختيار القصدية كعامل محوري مشترك يحرك استدعائنا للغة البرمجية كبعد آخر يمكن من خلاله تفسير النص القرآني بعد إسقاط مفاهيم اللغة البرمجية على المفهوم اللغوي للآيات القرآنية بعد طرح النتائج التي وصل إليها العالم سبيط النيلي في تفسيره للعلاقة القصدية بين الدال والمدلول في المفردة اللغوية ووصوله إلى حاله التطابق بين الفكرة والمفردة المخصص لها التي يرى أنها تقفز معا إلى الذهن حين استحضارها بحكم الانطباق بين الفكرة والمفردة في المفهوم ألقصدي ولكن هذا لا يمنع من طرح بعض الإشكالات التي تواجهها فكرتنا في ربط اللغة البرمجية بمفهوم التفسير القرآني
1- إن اعتبار اللغة البرمجية مقابلا للغة سواء العربية أو غيرها هو ليس تعبيرا دقيقا لغويا إذ إن اللغات البرمجية متعددة وهي تختلف في قصديتها ونتائجها وفي تعامل العقل الكومبيوتري معها وهنا يمكن تجاوز هذا الإشكال بالبيئة البرمجية software environment) ) التي تعتبر الإطار الذي تشتق منه كل اللغات البرمجية وهو اقرب لمفهوم اللغة الموحدة وتعدد الألسنة الذي شرحه سبيط النيلي في كتابه اللغة الموحدة وهنا تبرز عوامل تطور الألسنة التي تتداخل فيها مجموعة من العناصر المتمثلة بالجغرافيا والثقافة الاجتماعية وطبيعة الصراع الاقتصادي في تغير المفردة فيما ترتبط اللغة البرمجية بعامل تطور واحد هو تحقيق أفضل النتائج بأقصر الخطوات وهي العامل الوحيد الذي يحرك المبرمج .
2- قد يكون مفهوم العالم سبيط النيلي لحركة الفكرة والمفردة والسعي لإيجاد اقل عدد ممكن من المفردات مقاربا لفكرة سعي المبرمج لإنتاج أفضل جمل برمجية لكن هنالك أكيدا فارق بين مفهوم الحركة للمفردة الذي أخذه سبيط النيلي من سوسير وطوره ميكانيكيا وبين مفهوم الصياغة البرمجية الذي يفترض حركة انسيابية هي اقرب للشلال أي تنازليا في صياغة برنامج مترابط يفضي إلى الهدف البرمجي بدون استهلاك أي طاقة إضافية في نشاط المبرمج أو الكومبيوتر .
3- إن مفهوم القصدية الذي أسس له سبيط النيلي بين المفردة والفكرة افترض مفهوما مطلقا للقصدية أي إن هنالك ترابط تام بين المفردة والمعنى وقد افترض سبيط النيلي وجود ما اسماه بالإشارة بين الفكرة والمفردة في ضوء تحليله للعلاقة وقد استبطن كلام النيلي مفاهيم منطقية في إطلاق مفاهيم الإشارة والقصدية وبعيدا عن إشكالات المفاهيم المنطقية في علاقة اللفظ بالمعنى والتي ناقشها محمد الرضا المظفر في منطقه أو في بحوث معاني الألفاظ وجدليات القوانين الأربعة للمنطق التي أسقطها المظفر على علاقة اللفظ بالمعنى فما يعنينا هو أن اطلاقية القصدية في العلاقة بين المفردة والفكرة أو بين المفردة والمعنى حيث أن القصدية في المفردة البرمجية تختلف فصياغات النتائج المتأتية من الجمل البرمجية هي ليست بنفس مستوى الكفاءة أي أن هنالك فرق بين كفاءة المعنى وال performance المتأتي من الجمل البرمجية .
على سبيل المثال فان كلمة شجرة التي أوردها النيلي كمثال مستقى من سوسير والتي اعتبر أنها وكمستوى عام في العربية تدل على معنى التشعب واعتبر بقية المعاني كالنسب والنار هي معان مستعارة كما أورد الكلمة في الانكليزي tree للصليب أو العريش
في حين ان مفردة tree في الانكليزية والمستعملة في لغات البرمجة فهي تؤدي إلى عدة نتائج ( معان ) برمجية تختلف بحسب كفاءة المبرمج وperformance للبرنامج أي أن قصدية أل tree ذات مستويات متفاوتة في التطبيق برغم أنها ذات قصدية واحدة فلا يوجد لل tree إلا معنى واحد في البيئات البرمجية لكن تختلف مستويات قصديتها في إنتاج المعنى .
انطلاقا من هذه الملاحظات يمكن إيجاد آلية أساسية للتعامل مع المفردة القرآنية في ضوء فهمنا للمفردة البرمجية وهنا يجب أن نقدم رؤية واضحة محددة للمفردة البرمجية ك instruction والنتيجة result الناتج أو المعنى المرتبط بالمفردة وهو بالضرورة المعنى الأساسي ولكن تمظهراته قد تختلف وهو ذات المعنى الذي يختلف في فهم المتلقي للمفردة القرآنية حيث يمكن للمتلقي أن يفهم عدة معان متقاربة أو متضادة من المفردة القرآنية ….. يتبع