18 ديسمبر، 2024 8:59 م

نظرية الفتوى في إدارة الدولة

نظرية الفتوى في إدارة الدولة

كل مجتمعات العالم وبدون استثناء وعبر التاريخ تحاول بشتى الطرق ان تطور نفسها وتعالج مختلف المشاكل التي تواجهها سواء كانت ناتجة عن عوامل وتأثيرات داخلية أو خارجية . ومهما كانت الظروف والتعقيدات والتناقضات المحيطة بذلك المجتمع سواء محلية أو إقليمية أو دولية فإنها تحاول التكيف حسب المعطيات لتحقيق الهدف الأول والأخير لها ألا وهو تحقيق مصالحها في الرفاه الإقتصادي والإجتماعي والأمني ضمن منظومة دول العالم المتشابهة نسبياً بالأهداف ولكنها مختلفة بوسائل تحقيق تلك الأهداف . وبالرغم من التباين الواضح ما بين الدول من ناحية درجات التطور والتحضر والوعي والإدراك والفهم إلا إنها جميعاً تسعى لتحقيق أهدافها وتطلعاتها في الحياة حسب مقاييسها . والعراق كبلد ومجتمع لا يختلف عن هذا التوجه . فمنذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن يحاول العراقيون قياديين وشعب ان يرسموا خارطة طريق للحكم بما يضمن تحقيق الرفاه للمجتمع حالياً ولأجياله المقبلة . وقد أختار المجتمع العراقي ” كغالبية ” ، وبغباء مطلق ، نظام الحكم الديموقراطي دون مراعاة شروط تطبيق مثل هذا النظام والذي يتطلب بدايةً تثقيف المجتمع على ماهية النظام الديموقراطي وشروط تطبيقه . وكانت النتيجة الطبيعية تصدر أحزاب الإسلام السياسي ” والتي لا تؤمن أساساً بالنظام الديموقراطي ” لمقاليد الحكم والتحكم بكل مفاصله بسبب جهل وتخلف معظم شرائح المجتمع العراقي حيث يتميز المجتمع بالعادات القبلية والعشائرية والدينية والمذهبية المغلقة . ومن هنا بدأت مرحلة التحول الحقيقي في المجتمع العراقي وتوارثت عليه أحزاب الإسلام السياسي لإدارة شؤون البلاد . ونتيجة لكل ذلك واجه العراق مشاكل كبيرة سواء على المستوى الأمني أو الإقتصادي أو الإجتماعي كلفه نفقات مالية ومادية وبشرية باهضة جداً خصوصاً بعد إحتلال داعش لأكثر من ثلث مساحة العراق . ثم جاءت فتوى المرجعية الدينية لتعالج كيفية التصدي لهذا الخطر ، وقد نجحت في ذلك . ثم توالت المشاكل سواء من الناحية الأمنية أو الإقتصادية أو الإجتماعية لتبرز دعوات المرجعيات الدينية وإرتفاع نبرتها بإتجاه ضرورة قيام السلطة الحاكمة ( وهي بالأساس من إفرازات تلك المرجعيات) بتحسين ظروف العيش للعراقيين المساكين . ثم توالت الأحداث بعد التفجيرات التي طالت بعض مقرات الحشد الشعبي مما حدى ببعض الفصائل أن تعلن الجهاد على التواجد الأمريكي في العراق مهما كانت طبيعته بفتوى من أحد المعممين . والغريب بالأمر إن الفتوى تتعلق بالتواجد الأمريكي ولا يشمل التواجد التركي في شمال العراق ولا يشمل التواجد الإيراني في معظم مناطق العراق . وهنا تبرز أهمية الفتاوي . ففتوى المرجعية ” الرشيدة ” لمواجهة داعش حررت العراق وشرف العراقيات ، وفتوى المرجع كاظم الحائري بمواجهة القوات الأمريكية في العراق سوف تنهي التواجد الأمريكي في المنطقة .
إذاً ، الخلاصة من كل ذلك هي ان العراق يمكن أن يحل جميع مشاكله مهما كانت داخلية أم خارجية ، سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية أو أمنية دون معاناة أو أي تكلفة ، وذلك من خلال تلك القوة والطاقة اللامتناهية والسلاح السري الذي يملكه دون غيره من المجتمعات الأخرى ألا وهو ” سلاح الفتوى ” . وعليه فأن مشكلة الفساد الإداري والمالي المستشري في كل مفاصل الدولة يمكن معالجته ببساطة وبفترة قصيرة جداً من خلال فتوى ” فسادية ” من المرجع ” المبجل ” ، وكذلك يمكن ببساطة معالجة نقص الكهرباء من خلال فتوى ” كهربائية ” تجعل توفير الكهرباء ٢٤ ساعة يومياً على مدار السنة ، وأيضاً تحسين البنى التحتية والخدمات بفتوى مزدوجة ” ما تحت المجاري ” ، وفتوى أخرى بوجوب إسقاط الطائرات الإسرائيلية والأمريكية المتهمة بإستهداف مستودعات الأسلحة لفصائل الحشد العراقي الإيراني ” فتوى الإسقاط ” ، الى جانب إمكانية تطوير الصناعة والزراعة بفتوى ” التكنولوجيا الإسلامية المحجبة ” ، وأخيراً تبني فتوى ” غزو الفضاء ” وهي فتوى توجب على الجميع من أبناء الملة من أن يصعدوا على سطوح المباني في الليلي المقمرة ويحلموا بصعودهم الى الفضاء وإحتلاله .
أيها السياسيون العراقيون الأغبياء ، الحل واضح وبسيط لحل جميع مشاكل العراق ، مهما كانت ، وذلك من خلال ” نظرية الفتاوي ” وهي لا تكلف أي شيء سوى كلمات بسيطة تصدر عن مرجع سواء كان مخرف أو جاهل أو لا يفقه من علوم الحياة من شيء سوى تعاليم الحوزة ” أي تعاليم الملالي ” . فهذا هو مرجعكم الذي تفتخرون به لإدارة ما يسمى بدولة العراق . لتخرج المظاهرات المليونية والترليونية لتنادي ( لبيك لبيك يا صاحب الفتوى المعصوم ….. يا مْطٓيح حظنا ومْزٓيِد الهموم ) .